بشرى مبارك
عدد المساهمات : 7557 تاريخ التسجيل : 19/02/2009 العمر : 64 الموقع : أقيم فى بيريطانيا مدينة بيرمنجهام
| موضوع: الاخت منى أبوزيد تكتب عن الرياضة فى عمود السياسة (الرأى العام ) الأحد 7 يونيو - 23:23 | |
| مساء الأربعاء قبل الأخير خلت الشوارع من المارة بعد أن لزموا البيوت والنوادي، وتحلَّقوا حول شاشات التلفاز، وحشدوا حواسهم لمشاهدة حدث كروي كبير، زمانه «الخرطوم» بالليل، ومكانه «روما» مدينة التاريخ! «روما» التراثية حاضنة «الأرينا» بتاريخه الدموي الذي شهد مبارزات «القلادييتورز» : فرسان مصارعات الموت الرومانية القديمة .. و«روما» العصرية صاحبة «الأولميبيك» الذي يشهد مباريات كرة القدم، التي اشتق مصطلح «روح رياضية» من «سلام» و«مسالمة» لاعبيها في سعيهم للفوز وعند قبولهم الهزيمة! مفارقة تاريخية لافتة، اجتهد (غوارديولا) مدرب فريق «برشلونة» في توظيفها لتحفيز فريقه و إذكاء حماس لاعبيه للوصول إلى الفوز بالمباراة : الحدث (كأس أبطال أندية أوروبا) .. فـ «شحذ» ذهنه، و حشد» جيوش أخيلته، و استعان بأهل خبرة وأولي عزم، و(رقد فوق رأي)! ثم خلع عنه عباءة التدريب قبيل المباراة بدقائق معدودات، تحول المدرب خلالها إلى مُشجِّع برتبة (حَكَّامة)! و«الحكامة» ـ كما تعلم ـ هي امرأة تقدم صوراً حماسية بديعة من الشعر العامي لتحفيز الفرسان على الثبات في أوقات الحرب وعند مبارزة الأعداء .. وهذا بالضبط ما فعله مدرب فريق «برشلونة» الذي مزج ـ في مقطع فيديو مدروس بعناية، بعد الاستعانة بخبراء في علم النفس ـ بين بعض مشاهد المبارزة في فيلم (قلادييتور) و أفضل لقطات الموسم التي أبلى فيها لاعبو فريقه بلاءاً حسناً مع خلفيات موسيقية مؤثرة! جلس اللاعبون في غرفة الملابس ـ قبيل نزولهم إلى أرض الملعب ـ وشاهدوا عبر الشاشة لقطات عاطفية لمشجعيهم، تمتزج بصور حماسية لمشجعي المصارعة في فيلم «القلادييتور» .. شاهد حارس المرمى كفاً قوية تداعب أصابعها سيقان الذرة الذهبية بثقة ساعة الغروب، ثم شاهد لقطات من أقوى دفاعاته.. مزج الفيلم في تلاحق مدروس بين أفضل لقطات أداء نجوم الفريق في أثناء المباريات وبين أروع مشاهد المبارزة بين المصارعين في الفيلم .. وتداخلت صور ضربات السيوف وركلات الكرة على نحو إيحائي.. وكأننا بمدرب الفريق يريد أن يقول للجماعة : إنها معركة، مبارزة جماعية، مسألة حياة أو موت، طريق لا رجوع عنه مثل مصارعات الرومان، الخاسر ميت، وثمن البطولة هو موت الآخر! انتهى العرض بعد أن أجاد مدرب الفريق دور (الحكَّامة) التي تجسد سطوة «التشجيع» و»التحريش» و«التحريض» و«التأثير» العاطفي، فبكى مساعده تأثراً، وتأثر اللاعبون بإيحاء الحياة أو الموت فأبلوا بلاءاً حسناً، وتغلبوا ـ بهدفين مقابل لا شيء ـ على «مانشيستر يونايتد» العريق، صاحب الفرص الموازية في الفوز لولا «زغرودة» الحماسة التي أطلقها «غراديولا» قبيل المباراة! موقف مدرب فريق «برشلونة» وإن كان رمية من غير رام، أو «وسيلة» تبررها «غاية الفوز بالمباراة، إلا أنه يدلل على إيمان «العقل الرياضي الباطن» بسيطرة المادة على «كرة القدم»، وقناعته بتحكُّمها المطلق بعلاقات النوادي و النجوم! مفردات «بيع» و«شراء» التي تطلق على عمليات انتقال اللاعبين تكاد تصبح واقعاً لا مجازاً في ظل جشع عقود الاحتكار وقسوة المنافسة إلى حد اعتبار «حسن أداء اللاعب» مسألة حياة أو «موت رياضي»! هذا عن أحداث «أوليمبيك روما» وما جاورها، وما شابهها، وما طاولها، وما ناطحها .. أما «الخرطوم» المتفرجة، فـ «ليها الله وعيشة السوق»، وشاشات الفضائيات التي تُنعش ـ بالبث الحي ـ قلبَها الميِّت! | |
|