منى سلمان وميته وخراب ديار من الرآى العام

في ذات خريف (شديد اللهجة)، كانت (النقناقة) لا تتوقف عن التنقيط ليل نهار حتى سقت أساسات البيوت والحيطان، فتهدم منها ضعيف الجالوص وترنّح بسببها سمين المسلّح.. كان هطول الأمطار يستمر لأيام متوالية دون توقف، ولكن في ذلك الجو البديع الذي يحض على فعل الطاعات والتأمل في عظمة الخالق، كانت نسوة من الحي والأحياء المجاورة يتسللن لواذاً، نحو بيت جالوص (آيل للسقوط) في طرف حيناً يسكنه (ضابط إيقاع) برتبة (فكي)، ذاع صيته واشتهر بأنّه يعمل على قضاء حوائج النساوين بالكتمان، فيربط السايب ويفك المربوط ويجلب الغائب و(يغيب) الحاضر ويقلب الهزبر عتود..
في ذات عصرية ورغم أن السماء وقتها كانت مثقلة بالغيوم والطين والخبوب في الدروب حدّو الركب، إلاّ أنّ هذا الجو لم يمنع صاحبات الحرقة والحاجات والكُرب من التكأكؤ على راكوبة (الفكي)، فاجتمعن جلوساً على عناقريب مصفوفة بجوار حائط قديم، في انتظار أن يأتيهن الدور للدخول على (الفكي)، ولكن - حكمة اللّه - ما لبث أن ناء الحائط القديم بما يحملنه من هموم، فمال وانتكأ ثم تهايت فوق رؤوسهن وطمرهن تحته..
طار الخبر وعَمّ القرى والحَضَر، وتسامعنا خبر هلاك شرذمة من النسوة تحت حائط الفكي المنهار، وتكسر ضلع ومخاريق البقية الباقية منهن، مما استدعى حضور النجدة والإسعاف لانتشال الجثث ونقل المصابات للمستشفى، ولكن النجاة من الموت لم تحمِ البعض من خطر الإصابة بـ (طلقة) ثلاثية التحريم رماها على وجهها (سيد بيتها)، وانطلق غير مبالٍ باجتماع مصيبتي (الميتة وخراب الديار) فوق أم رأسها المفلوق!
تذكّرت هذه الحادثة القديمة عندما طالعت خبراً يفيد بالقبض على أحد المشعوذين ومعه مجموعة من الذكور والإناث - كمان الرجال بقوا يزاحموا النسوان حتى على جري الفقرا -!
المهم سألوهم عن سبب تواجدهم هناك، فتفاوتت الأسباب ما بين جلب منفعة ورغبة في المضرّة، إلاّ أنّ ما لفت نظري هو إجابة إحداهن بأنها ترغب في (تدمير) زوجها لأنّه تزوج من أخرى وسافر لإحدى الولايات معها، وترك لها خمسة أطفال تشقى بتربيتهم وحدها.. لم ترغب في استعادة ودّه القديم ولا حتى التفريق بينه وبين زوجته الجديدة.. بل تدميره مرة واحدة!
(لا يفلح الساحر حيث أتى) و(ما هم بضارين به من أحد إلاّ بإذن اللّه) آيتان من الذكر الحكيم تؤكدان على أن الضار والنافع هو اللّه سبحانه وتعالى، وتدعوان للإيمان بأن اللّه يدافع عن الذين آمنوا والأبرياء والمظلومين حتى يرد الظلم عنهم، ويسلط في سبيل تلك المهمة جنوداً لا ترونها قد تَكون في صورة (حائط قديم) ينهار فوق رؤوس الساعين للأذية فيفضح نواياهم السيئة في الدنيا قبل الآخرة، أو يكون الجنود بلباس البوليس ساعة (كشة) يقطع بها اللّه سبحانه وتعالى نوايا الغل والتدمير..
يؤمن أهلنا بمقولة (ود الحلال ربنا بيوقف ليهو أولاد الحلال)، فقد يسخّر اللّه واحدا من أولاد الحلال ليدفع الأذى عن برئ غافل، فقد حكت لي احدى جاراتي بأنها عادت من مشوار مع سائق ركشة تبدو عليه سيماء أولاد الحلال، فأخبرها بأنه حمل في ذات مشوار سيدة كبارية إلى المقابر، حيث نزلت وهي تحمل شيئاً ملفوفاً حرصت على دسه بين طيات ثوبها وطلبت منه أن ينتظرها حتى تعود.. شعر الشاب بالشك فظلّ يُراقب السيدة من بعيد فوجدها تجلس بجانب (قبر) فترة قبل أن تعود للركشة وعلى يديها آثار غبار وتراب.. عاد الشاب بالسيدة للمكان الذي حملها منه ثم رجع مسرعاً للمقابر، وتَوجّه مُباشرةً للقبر الذي كانت تجلس عليه السيدة فوجد فيه كوم تراب مكوم بصورة توحي بأن تحته شيئاً مدفوناً، فعمل الشاب بيديه حفراً حتى أخرج من جانب القبر علبة (لبن بودرة)، فحملها وذهب بها إلى أحد الشيوخ الصالحين الذي فتح العلبة وتَعوّذ مما فيها وَطَلَبَ منه أن يرميها في البحر حتى يفسد ما بها من شر، وأخبره بأنّ المقصود بهذا العمل امرأة بريئة غافلة عن ما يُدبّر لها، ولكن اللّه الذي لا يغفل ولا ينام جنّد ذلك الشاب (ود الحلال) لدفع الأذى عن تلك المسكينة..
تعالوا ندعو ربنا يوقّّف لينا وليكم أولاد الحلال.. آمين يا رب

أضف تعليقك طباعة الموضوع أرسل الموضوع
(قراءة: 906 تعليق: 6 طباعة: 18 إرسال: 0)
التعليقات

--------------------------------------------------------------------------------

1/ محمد - (الرياض - السعودية) - 23/11/2010
آمين يارب .. وإنت والله بت حلال ربنا يوفقك ويسعدك زي ما بتسعدينا بمقالاتك العفوية والرائعة

--------------------------------------------------------------------------------

2/ ود عطبره وحفيد مهيره - (جده) - 23/11/2010
موضوعك جميل ونتمنى ان و يقرنو صويحبات (الفكى الكذاب ) فقط اود تصحيح ان الضرر ياتينا من ذنوبنا بامر الله ويقول الله تعالى {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ}

--------------------------------------------------------------------------------

3/ علي عبدالله ادريس العجب - (السعودية - الرياض) - 23/11/2010
الأخت منى قد نجد العذر لمثل هؤلاء النسوة بسبب الجهل ولكن ما رايك في برفسيرلت يؤمنون بهذه الخزعبلات- وبعض شيوخنا هداهم الله هم سبب هذه الضلالات !!!

--------------------------------------------------------------------------------

4/ موسي عبدالله ابودبيب - (المملكة العربية السعوجية- الشرقية الدمام) - 23/11/2010
والله هذا هو البحصل وياما ناس ادمروا من هذه الاشياء والله يكافي الناس هؤلاء الذين لايخافون من الله , وعندنا مثل بقول المابخاف من الله تخاف منو

--------------------------------------------------------------------------------

5/ مجدي عوض الكريم - (السعودية) - 23/11/2010
نسأل الله أن يكفينا ويكفيكم شر السحر والعين والحسد ...عليكم بالمعوّذتين اللتان ما تعوذ أحدٌ بأفضل منهما أو كما المصطفي صلي الله عليه وسلم .

--------------------------------------------------------------------------------

6/ بشرى مبارك إدريس - (بريطانيا..... برمنجهام) - 23/11/2010
الاخت الاستاذة منى سلمان ... الله يسلمك وفى الحقيقة الموضوع خطير وخطير جداً أن يكون تفكير نساء السودان بهذه السطحية !! أى زوجة تزوج عليها زوجها أو ناوى تحاول أن تضع العراقيل و(العمل ) فى طريقة سوف يسهل له أولاد الحلال إذا كان فعلاً من أولاد الحلال وقد أتصل بأهلها لكى يبارك لهم العيد وذهب ليعطى نسيبته البعيدة جزء من الضحية وإذا كانت زوجته لم تتكرم حتى بالاتصال بأهله لمباركة العيد هذا هو طريق الزوج للزواج مهما كان وطالت الايام لذلك على كل زوجه إذا سمعت بأن زوجها قد نوى أن (يجر الكرت التانى ) أن تعاود ترتيب أحوالها وأقوالها وأفعالها وتعرف أنها أتجهت فى الطريق الخطأ !! وتحاول الابتعاد عن ركوب الرأس حتى لاتركب التونسية . لان من يحاول جر الكرت التنى حا يفتح حايفتح هى ما سمعت بالقافل ليهو جره !! وحا يجر لى متيين أكيد فاتح فاتح فالكرة فى ملعب النساء إن أردن أن يهنأ الزوج بحياه سعيده بعيده من (النقّة ) التى تكسر الحجر وتكرّه الكجر !!!!

» منى سلمان وتنملحى جربا (من الرآى العام )
» لسع صغيرة فى سنى ومنى سلمان من الرآى العام
» النعامة التزوزى بيك ومنى سلمان من الرآى العام
» منى سلمان وصحيتى فى نفسى الوجود من الرآى العام !!
» لاقينى ولا تعالجنى ومنى سلمان من الرآى العام