بشرى مبارك
عدد المساهمات : 7557 تاريخ التسجيل : 19/02/2009 العمر : 65 الموقع : أقيم فى بيريطانيا مدينة بيرمنجهام
| موضوع: حكاية لاعب فى سوبر ماركت نقلاً من كورة عربية الإثنين 4 نوفمبر - 5:33 | |
| حكاية لاعب فى سوبر ماركت
2 نوفمبر 2013 علاء إسماعيل
خلال تواجدي فى سوبر ماركت شهير بالعاصمة الاماراتية ابوظبي سمعت من يناديني بإسمي والتفت الي مصدر الصوت فوجدت شابآ مصريا يافعا يرتدي قميصا يشير الى انه يعمل بائعا ولم اكن اعرفه ، سألني عن مصر واحوالها والقلق باد عليه بوضوح ، لكني بادرته بالسؤال : من انت؟ وفوجئت بالاجابة التي فجرت قضية الساعة فى تقديري. قال لي الشاب المصري انه لاعب كرة قدم فى نادي المقاولون العرب وانتقل الى نادي الانتاج الحربي وكان يحلم بالنجاح والنجومية ليشق طريقه جنبا الى جنب مع كونه حاصل على مؤهل عال فى اللغة الانجليزية ، ولكن حدثت الكارثة وتوقف النشاط الرياضي وازداد المشهد الرياضي قتامة وتصاعدت المشاكل للموسم الثاني على التوالي ووجد نفسه فى مأزق خاصة انه يتحمل مسؤولية عائلته ومع تراجع مؤشرات عودة الرياضة الى الملاعب ووسط اليأس لم يكن امامه سوى الانسحاب والبحث عن منقذ ، وتوجه الى البلد الكريم المحب من القلب لكل من ينتمي لمصر أم الدنيا وسافر الى دولة الامارات منذ خمسة اشهر فقط. واصل اللاعب روايته وعيونه تبرق حزنا ومرارة : التحقت للعمل بأحد المدارس الرياضية بمرتب متواضع للغاية لا يكفي للحد الادنى للحياة لكن سرعان ماوجد نفسه فى وضع بالغ الصعوبة واخذ يبحث عن عمل اخر فلم يجد سوى مهنة بائع فى سوبر ماركت شهير لمدة عشر ساعات يوميا مقابل مرتب محدود القيمة ، وقرر مواجهة الحياة متمسكآ بالايمان بالله عز وجل و بالامل رغم المعاناة والحرمان والتقشف الشديد . قال لي اللاعب وانا احتفظ بأسمه حفاظآ على كرامته : توقف النشاط الرياضي كان ضربة موجعة لمئات الرياضيين والعاملين فى هذا القطاع العريض ، انقطعت مواردنا وقامت الاندية بفسخ عقودنا مع الغاء كثير من الالعاب ووجدنا انفسنا فى الشارع ولا منقذ ، قال لي: اذا استثنينا الاندية الكبيرة كالاهلي والزمالك واندية المؤسسات مثل انبي وسموحه ودجله وغيرها فان الاغلبية اشرفت على الافلاس ، بالتزامن مع حملات مشجعي الالتراس التى تسببت فى ايقاف الدوري وجميع المسابقات ، ولم يعد بالامكان اقامة مباراة بحضور جمهور وتحولت الملاعب الى اطلال مهجورة تعاني من الخواء الحزين. القضية ليست فردية كما رواها لي الرياضي المكافح بل هناك العشرات من زملائه فى اندية الاقاليم الفقيرة يعانون ويتضورون حرمانا بعد ان توقف النشاط الرسمي وقال لي انه يعرف اصدقاء عجزوا عن العثور على عمل ويعيشون فى اسوأ وضع يمكن ان يتخيله احد ، قال: كلنا اعتبرنا كرة القدم مهنتنا وعملنا واعتمدنا على العقود للانفاق على اولادنا وحمايتهم من المستقبل المرعب ، لم يدر بخلدنا ان الرياضة ستواجه هذا المصير الكئيب وان قرابة ثلاثة ملايين شخص تضرروا من انقطاع الموارد الرياضية سواء رياضيين ام عاملين ام مدربين ام حكام كلهم ضحايا للوضع الخطير القائم المتمثل فى عدم قدرة الدولة على ضمان الحماية والامان فى حال استئناف المباريات وبكى الشاب الطموح الذي كان قد وضع قدميه على اول طريق النجومية ولكن احلامه تبخرت وتبعثرت منذ تحولت الملاعب الى ميدان للالتراس الخارجين على القانون ، وفى ظني ان توقف الرياضة للموسم الثالث بات لغزآ يحتاج الى تفسير رغم ان الرياضة قادرة على امتصاص التوترات لدى الشباب واعادة البهجة الى النفوس والاطمئنان الى القلوب ، وودعت لاعبنا المغترب داعيا بعودة النشاط الرياضي والحياة الى الملاعب المصرية البائسة الحزينة .
نقلاً عن صحيفة "الشروق" المصرية | |
|