شعبية البشير!! نقلاً من الانتباهة

شعبية البشير!! .
الإثنين, 21 أيار/مايو 2012 07:34 .تقييم المستخدم: / 10
ضعيف جيد
أسامة عبد الماجد

في كثير من المناسبات الخاصة بالمؤتمر الوطني التي يستضيفها في فناء داره الفسيحة أكثر ما يلفت الأنظار عند سماع الهتافات التعبوية والمساندة والمشجعة للقيادة هو هتاف: (سير سير يا البشير)، ولعل من الطبيعي جدًا أن يجد ذلك الهتاف رواجاً في أي مكان بخلاف حوش الحزب الذي ـ البشير ـ هو ابن من أبنائه، أو بعبارة محبَّبة للمؤتمر الوطني وتجري على لسان قياداته: (البشير جندي من جنود الحزب).. الهتاف المذكور بدءًا يعني الشعبية الكبيرة التي يتمتَّع بها الرئيس بداية من داخل القلعة الخضراء إلى أن تغادرها إلى كل أنحاء السودان.
وتحدث مواقف تؤكِّد صدقية تنامي تلك الشعبية أو على الأقل عدم نقصانها آخرها عقب استعادة هجليج، حيث زحف المواطنون صوب القيادة العامة واحتلوها، ويومذاك كان مسموحًا بالاقتراب والتصوير، واختراق البوابات العسكرية لجهة الالتحام بالرئيس، ولكن وإن صُوِّر الأمر في إطار الروح الوطنية والإحساس العميق بحب الوطن باستعادة جزء منه كان قد أُحتل بواسطة الأعداء فإن البشير كان حضورًا وليس حزبه.
وكانت مسألة عدم وجود علاقة بين التدافع الجماهيري العفوي وتلاحم القائد مع القواعد بالانتخابات قد أشار إليها مركز (كومون الإعلامي) الذي أجرى استطلاعاً حديثاً للرأي العام عبر الهواتف المحمولة بمشاركة واسعة أشار إلى شعبية الرئيس البشير التي بلغت ذروتها خلال احتفالات المواطنين بتحرير هجليج، وربطها بإمكانية التجديد له لدورة رئاسية أخرى في الانتخابات القادمة أو أن الأمر يعقد طرح خيارات بديلة للبشير ويصعب من مهمة خليفته، أو أنها تعبر عن روح وطنية لدى الشعب السوداني ولا علاقة لها بالانتخابات.. وبناءً على الشعبية التي أشرنا إليها صوَّت (56%) لحتمية التجديد للبشير لدورة رئاسية أخرى في الانتخابات القادمة، بينما «30%» يرون أن التحام الجماهير مع خلف القيادة خلال معركة هجليج يعبِّر عن روح وطنية لدى الشعب السوداني ولا علاقة له بالانتخابات ولكن «14%» يرون أن شعبية البشير تعقد من طرح خيارات بديلة له وتصعب من مهمة خليفته.
على كلٍ أكثر المستفيدين من شعبية البشير، المؤتمر الوطني، ووضح ذلك إبان الانتخابات الماضية، ولكن بالمقابل يمكن أن نلحظ مستوى تفاوت رؤية مجموعات داخل الوطني وخارجه لتلك الشعبية التي يتمتَّع بها الرئيس ما يمكن مجموعة أن تستقوي بتلك الشعبية وتتوارى خلفها وكأنما لها مصلحة في بقاء الرئيس وهذه يمثلها من تحسّ أنهم يسعون جاهدين للتقرُّب للبشير بشتى السبل، ويحاولون أن يكونوا معه رغم أنهم داخل الحكومة.. والفئة الثانية المؤسسة العسكرية التي تسعد بارتفاع شعبية البشير الذي ينتمي إليها، وبذلك تضمن قوة موقفها في معادلة السلطة وهنا يمكن الإشارة إلى رجال الجيش في الحكم ضمن هذا التيار وعلى رأسهم وزير رئاسة الجمهورية الفريق بكري حسن صالح، ووزير الدفاع الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين.
وبالمقابل هناك جهات تتضرَّر من تنامي شعبية البشير وهي ثلاث الأولى الأحزاب المنافسة للوطني التي تعتقد جازمة أن شعبية البشير خصمًا على وجودها السياسي في الفترة المقبلة، والثانية الدول المعادية للنظام في السودان والتي يستعصي عليها النيل منه في ظل التفاف المواطن خلف الرئيس ولذلك خلقت مسألة الجنائية الدولية والتي كانت خصمًا عليها، إذ كانت أحد العوامل التي رفعت من شعبية البشير، والثالثة هي أقل تضرُّراً من شعبية عمر هي مجموعة داخل المؤتمر الوطني داعمة لخط التغيير، وترى ضرورة تقديم قيادة جديدة منهم القيادي بالحزب والي سنار أحمد عباس الذي جاهر بذلك، ومنهم الوزير أمين حسن عمر الذي أوحى بذلك، وتيار التغيير هذا بالقطع لن يعمل على خفض شعبية الرئيس ولكن قد يسعى بكل ما أوتي من جهد لتلميع من يرى أنه مناسب لخلافة الرئيس.
واحد من أسلحة المجموعات المصطدمة بشعبية البشير هي رهانها على فتح ملفات الفساد بالبلاد لتقليل هيبة رأس الدولة رغم أن المتتبع لهذا الأمر يلحظ بذكاء أن البشير شخصيًا أوصد هذا الباب وأمن نفسه عندما كشف عن ثروته التي هي بكل حال أقل من ثروة ضباط أقل منه رتبة بالمؤسسات النظامية، كما أن الرئيس اهتم بمسألة محاربة الفساد، وشكَّل آلية بذات الخصوص فضلاً عن أن كل ما راج من فساد كان بعيدًا جدًا عن القصر الرئاسي.
ومهما يكن من أمر فإن شعبية البشير من الممكن أن تقود إلى صدام بين المجموعات الأولى والأخيرة غير المحبذة لارتفاع تلك الشعبية خاصة إذا ما برز موقف جديد يزيد من علو أسهم البشير وهو أمر وارد.