علاقتي بالشاعر الراحل المبدع عمر الطيب الدوش علاقة دم وقربى وصداقة عميقة.. وكذلك تربطني علاقة متينة وقديمة مع الفنان المتميز ابو عركي البخيت حيث بدأت مبكراً في بداية السبعينيات..
عمر الدوش شاعر حقيقي.. وصاحب مفردات نادرة وصور شعرية مذهلة.
وعمر الدوش كتب اجمل الأغنيات.. مثل صديقه وصديقنا محجوب شريف.
أغنية «بناديها» التي كتبها الشاعر الراحل عمر الدوش كانت فتحاً جديداً في كتابة الأغنية السودانية وفي أغنية «سعاد».. كانت الاضافة الكبرى للاغنية السودانية.
في هذا المقطع الشعري المدهش (كبرت كراعي من الفرح نص في الارض ونص في النعال).
خابرني مرة صباحاً وطلب مني الحضور إلى منزله في أمبدة.. ذهبت إليه مسرعاً، وقال لي ليس في البيت قلم ولا ورق.. وهذه قصيدة جديدة.. كتبتها على رمال الحوش تحت ظل الشجرة الوارفة والظليلة التي كان يضع سريره تحتها.
القصيدة كانت بعنوان «أمل ناهد» .. وأضاف هذه القصيدة تخصك أنت .. لأنك انت الذي أوصيت لي بها.. وقد كانت أملاً كبيراً وناهداً..
وجدت أوراق الشجرة تملأ حوش المنزل.. وقال لي بجوارنا «شغالات».. قلت له اتفق معهن لتنظيف وترتيب المنزل وسوف اعود لمحاسبتهن.. جاءت النسوة.. وظللن ينظفن المنزل.. ولما تأخرت عن الحضور هاتفني قائلاً: يا ابن عمي كل القبائل تحاصرني مطالبة بحق النظافة مهددين بالاستيلاء على سريرين بدلاً عن المال.
اسرعت.. وذهبت ووجدت الموقف محتدماً.. وانتهى الأمر بسداد الاستحقاق..
كنت احمل دائماً معي مسجلا صغيراً جداً.. لأنني اتوقع ان يتصل بي في أية لحظة كي اسجل له قصيدة جديدة.. منها ديوانه الذي طبعه الصديق نور الهدى له العديد من القصائد التي كتبت على الرمال ونقلتها على الورق وسجلتها بصوته.
عمر.. كان عبقرية متميزة ونادرة نسأل الله له الرحمة بأكثر مما قدم لشعبه وأمته.. والصحة والعافية لبناته ووالدتهن الفنانة سعاد..
اما صديقي أبو عركي.. فكنا نجتمع يومياً في نادي الفنانين حيث يجلس القمندان محمد وردي.. ونخرج من النادي ومعي الاصدقاء أبو عركي والراحل خليل إسماعيل والشاعر التيجاني حاج موسى لنذهب لمطعم الرياض لصاحبه الصحافي الكبير ميرغني أبو شنب لنجد هناك محجوب الكوارتي وغيره من الرياضيين لنتناول صحن الفول.
أيام لا تنسى.. حيث كانت النفوس صافية والقلوب نظيفة.. لا حقد ولا حسد.. الجميع أخوة كالاشقاء.
يا ليتها عادت .. وعادت الأيام.. نعم كانت لنا أيام.