قبل أكثر من ثلاث سنوات دخلت مصطلح (القوقلة) ـ والذي يعني البحث عن المعلومة من خلال محرك البحث الشهير قوقل ـ القاموس الإنجليزي أكسفورد .. وظهرت كتب ومؤلفات تتناول الثورة التقنية والمعلوماتية التي قادها محرك البحث قوقل..
من كتاب (قصة قوقل) ـ الذي يحكي قصة تأسيس ونجاح محرك البحث الشهير، وأسرار العالم الذي تنطلق منه صفحات هذا الموقع، والطرق التي ابتكرها مؤسسوه لخلق الموازنة الصعبة بين تقديم الخدمة المجانية وتحقيق أضخم الأرباح ـ إلى كتاب (قوقلة الأشياء) الذي يتساءل كيف تأتى لشركة واحدة أن تحدث تلك الفوضى المعلوماتية العارمة في الثقافة والاقتصاد والمجتمع ! ..
وإذا ما فكرت في قوقلة المصطلح .. ستجد أن أحد ظرفاء الإسفير الذين يمتلكون من الطرافة والذكاء والمال ما يكفي لفعل أغرب شيء قد يصادف زوار قوقل .. استأجر هذا الظريف غرفة إسفيرية على شبكة الإنترنت، ثم وضع عليها لافتة بعنوان (القوقلة.دوت.كوم) .. وما أن تقوم بعمل (دبل كليك) إيذاناً بالدخول، حتى يباغتك السؤال الوجودي القائل : (إذا لم أكن مقوقلاً .. فهل أنا موجود) ؟! ..
يا للهول .. نحن إذاً تخطينا عصر العولمة إلى عصر القوقلة حيث أصبحت المعلومة سهلة المنال.. وحيث لم يعد الوصول إليها هو معيار التنافس، بل كيفية إعادة إنتاجها بنجاح ..
لكن طوفان معلومات عصر القوقلة هذا له مشكلاته أيضاً .. فبعد أن حل العالم معضلة توفر المعلومة برزت إلى السطح مشكلة إدارة المعلومة ..
كلمة (قوقل) ـ التي تعني في المطلق تعبيراً رياضياً يطلق على الرقم الكبير(واحد وأمامه مائة صفر) ـ هي أيضاً تعبير ينطبق على وضع ملايين الصور لأشخاص مختلف ألوانهم، يتم تصفحها عبر محرك البحث الشهير .. وعند بحثك عن صور أي شخصية شهيرة تحصل في البداية على الصور الأكثر شعبية ومشاهدة ..
وبالتالي فعندما تطلب من محرك البحث (قوقل) صوراً لـ (ميشيل أوباما) مثلاً .. تظهر أمامك في بداية نتائج البحث صورة عنصرية مسيئة تصور سيدة أمريكا الأولى على شكل قرد ! ..
الأمر الذي دفع بالصحافة إلى استنطاق البيض الأبيض حول هذا الأمر، لكن سيد الحق ـ أي البيت الأبيض ـ رفض التعليق على أسئلة الصحافة حول هذا الأمر .. أما القائمون على أمر قوقل فقد أقروا بأنهم ـ في المطلق ـ لا يقومون بإلغاء الصور التي تلقوا شكاوى ضدها، بل يفعلون إذا طلب القانون ذلك .. منوهين بطرف قوي إلى خطورة مراقبة حدود حرية التعبير على الإنترنت ! ..
نخلص من تلك المواقف المتحفظة إلى أن تشبيه شخص ما بالقرد سلوك عنصري يستوجب المسائلة القانونية إذا صدر عن شخص بعينه في العالم الواقعي .. أما إذا صدر عن مجهول في العالم الافتراضي فالراجح أن تبقى الصورة على محرك البحث، وأن تزيدها كثرة الإقبال والتصفح شعبية وظهوراً على الصفحات الأولى في محركات البحث ! ..
وهذا يعني أن هيفاء وهبي قد تستيقظ ذات يوم لتجد أن أكثر صورها شعبية وتداولاً على محرك البحث قوقل هي واحدة تصورها على شكل (قرد) وهي تغني القرد