كل ما هنالك أن هذا السودان المسالم، تعيس حظ، لأن الجزائر هزمت المصريين على أرضه .. فانقلب رضاهم ـ بقدرة قادر ـ سخطاً على السودان الذي كانوا يكيلون له الثناء ويمتدحون حسن استعداده لاستقبال جماهير المباراة ! ..
المطربون والفنانون المصريون الذين زينت ابتساماتهم العريضة صور صحفنا وصفحاتنا الفنية، وسجلوا كلمات الشكر على حفاوة الاستقبال الرسمي والشعبي .. انقلبت ابتساماتهم تأففاً .. شكرهم قدحاً وذماً ! ..
أصبحت كرامة الأمن السوداني الذي كان يحرسهم ـ “وسط باقات دعاء الطيبين” من المعجبين ـ مضغة في أفواه الباحثين عن حكايات مثيرة يعلو ضجيجها على صرير الهزيمة الكروية ..
المتصل في أحد برامجهم يقول : (رحنا لقينا الجزائريين اشتروا السودانيين) .. فيهز مقدم البرنامج رأسه في أسف .. بئس البضاعة الإعلامية .. (إنها أشياء لا تشترى) .. نزاهة السودان لا تشترى أيها الدَّعيّ المكابر (مِنَّك لِيه) ! ..
تنمَّر الضيف على المُضيف .. واشتعلت الأقاويل الإعلامية بفضل جهود السيد إبراهيم حجازي مقدم برنامج (دائرة الضوء) .. (بسوس) هذه الهجمة الإعلامية الشرسة على سيادة وكرامة وكبرياء الشعب السوداني .. ومهندسها الذي سيحيق به جزاء (سمنار)! ..
صور المطاوي و السكاكين التي كان يحملها الجزائريون في برامج التعبئة تلك.. تلك الصور مفبركة .. وأي نملة مصابة بالرمد تستطيع أن تجزم بأنها من خارج السودان ! ..
يلومون السودان على صعودهم الطائرات بلا تأشيرات .. هذا الإجراء الأمني الذي يعكس تفهم وسرعة احتواء السودان للأزمة اعتبروه ضرباً من ضروب الفوضى ..
تعلمون تماماً أن مهمة الأمن في مثل هذه التظاهرات ليس التنبؤ باندلاع أحداث الشغب .. بل العمل على إخماد إشاراتها الأولى وحفظ النظام والحفاظ على الأرواح .. وقد حافظ الأمن السوداني على أراوحكم وأعادكم إلى بلادكم سالمين .. وإن لم تعودوا غانمين فهذا ليس ذنب السودان ! ..
نزل رجال الأمن المرافقون لباص بعض الفنانين لتفريق المتجمهرين لتأمين سرعة مرور الباص .. فاتهموا الأمن السوداني بالهرب .. كان الرجال يذودون عنهم بينما هم قابعون في قاع الباص يضعون أصابعهم في آذانكم حذر الموت ! ..
(مين اللي اختار السودان ؟ دي السودان متعرفش تنظم عيد ميلاد) .. هذا هو جزاء الإحسان الذي لقيناه على الهواء مباشرة عبر برامجهم .. (السودان دي لا زم يكون في وقفة معاها) هكذا تكلم الكابتن (إبراهيم حسن) متهماً السودان بالتواطؤ مع الجزائر ! ..
أرأيت .. ثم رأيت كيف وكم أن هذا الحدث الكروي قد أظهر الاستعلاء المصري على السودان ؟! .. أظهره بتضخيم كاريكتوري زاد صورته قبحاً ؟!.. أو تدرون ما أحزنني فعلا ؟! .. أنهم فعلا ـ أي المصريين ـ (ماقصدوش) يسيئوا إلى السودان.. تماما كما ردد إبراهيم حجازي بعد اتصال مدير المخابرات المصري وأمره إياه بوقف ذلك (العك) المتفاقم ! ..
ليتهم قصدونا مع سبق الترصد كما الجزائر .. المؤسف والمحزن أنهم لم يضعوا لنا أي اعتبار حتى يجتنبوا الإساءة إلينا .. الجزائر هي الند والخصم الذي يتشرف إعلام مصر بخصومته .. أما نحن شعب السودان .. فـ (أهالي العزبة) الذين أجادوا صنع (الفطير المشلتت) ـ كامل الدسم ـ فأفسدوا مزاج البهوات ! ..