من ذكريات كلية الشرطة وأيام الامتحانات !!!

فى فترة دراستنا بكلية الشرطة السودانية من يوم دخولنا لها فى 23 يناير 1980م الى تخرجنا فى 3 يناير 1982م قد درسنا خيره ضباط الشرطة وغيرهم من دكاترة جامعة القاهرة فرع الخرطوم (مبادى القانون ) .
كان من درسنا قانون العقوبات السودانى العقيد شرطة دكتور سرالختم عثمان إدريس وكان وقتها مدير الكلية ودرسنا الاجراءات الجنائية النقيب شرطة محمد الحسن (عليه رحمة الله ) فقد درس محمد الحسن فى كلية الشرطة المصرية وتخرج منها وبعدها ألتحق بكلية الشرطة السودانية الدفعة 35 وكان أول الدفعة وكانت عنده (لكنه مصرية ) يتضايق منها الراحل الباترا عندما قاد طابور الدفعة بإعتباره أول الدفعة وكان يقول فى النداء (طابور إشرف !!) فيصيح الباترا بأعلى صوته إشرف آيه أرجع !!!! ورغم ذلك قاد الطابور لان القانون قانون (والاول هو من يقود الطابور ولا شك أن الباترا يتذكر حادثة أول دفعة دربها عندما قاد الطابور الطالب أحمد ورسمة غالب أول الدفعة رغم أن الباترا كان يتمنى أن يقوده أول الميدان (حسين خيرالله سامى لصوته القوى وميدانه وطابوره السينما المكرّب !!)ولكن كان أحمد ورسمة فى الميعاد ولم يخذل الباترا بل هاش هوشته التى ذكرها لنا زميله الطالب وقتها عمر على حسن ( سعادة المشير شرطة عمر على حسن وأحييه من هنا ) .
نعود للموضوع وهو أن محمد الحسن درسنا الاجراءات الجنائية بالطريقة المصرية فلم نفهم منه أى شىء رغم العلم الغزير الذى يمتلكه !! على االعكس تماماً كنا نفهم من العقيد شرطة دكتور سرالختم الكثير رغم صعوبة العقوبات مقارنة بالاجراءات الجنائية ، أما البينة فقد أوكلت للمقدم شرطة فخر الدين عبدالصادق فأبدع فيها وزاد بشرحها بالانجليزية للجنوبيين ولم يفهموا شئياً منها وزاد من حصيلتنا الانجليزية فقد كانت إنجليزيته رصينة ما شاء الله تبارك الله .
أذكر أننى ومن بداية العام الثانى كنت أذهب إسبوعياً للأخ أزهرى المامون قريب صديقنا زين العابدين حسن الزبير (العبيدية ) وأستلف منه وهو الموظف المسؤول من المكتب الفنى بالمحكمة العليا (وما زال ما شاء الله تبارك الله قرابة ال36 عاماً فى الخدمة ) أستلف منه مجلات الاحكام القضائية السودانية وكنت أنقل أهم السوابق الجنائية فى دفاتر بلغت 4 دفاتر من الورق أبو 64 وقد أخترت سوابق جديدة وعديدة وكنت أحفظ كل قرارات قضاة المحكمة العليا من الفطاحلة من أمثال أبوقصيصة وخلف الله الرشيد وأحمد محمد الامين تاتاى وهنرى رياض سكلا ومولانا بخيت العوض والد الدكتور المعز بخيت وزكى عبدالرحمن وغيرهم كُثر .
عندما جاءت أيام الامتحانات كنت هادىء جداً وغير منزعج وأذكر أن إمتحان العقوبات كان من ضمن المراقبيين الملازم أول سيف النصر فطلبت منه سيجارة وكنت فى قمة الانبساط ولاحظت الرهبة والوجوم على كثير من الزملاء وكنت فى الساعة الاولى من الامتحان قد مليت الكراس الاول وطلبت الثانى فبدأ الطلبة على المراقبيين يتلفتوا لكى يعرفوا ماذا أفعل بهذه الكراسات !!أعطانى سيف النصر سيجاره بينسون علبه صغيرة ( وقال لى إن شاء الله تجييب مريسه تام زينو !!!) وكان مسموحاً بالتدخين أثناء الامتحان !! جلس جوارى وأخذ كراسى الاول وبدأ يقرأ بتمعن وإهتمام شديدين!!وقال لى بالحرف الواحد يا طالب الكلام ده جبتو من وييين ؟؟ فقلت له من مجلات الاحكام القضائية السودانية !! فقال لى لكن ما حافظة عديييل كده !! فقلت له الحمد لله . ومليت الكراس الثانى والثالث وأحرزت فى العقوبات أعلى درجة بين الدفعة 89 من 100 وكان بينى وبين أول القانون درجات لا تتعدى الثلاثة !!والسبب أننى لم أهضم الاجراءات الجنائية بالصورة المطلوبة .
لاشك أن العقيد شرطة دكتور سرالختم عثمان إدريس قد لفت نظره الطالب الذى عبأ ثلاثة كراسات وأحرز أكبر درجة فى العقوبات ولو أستدعانى وسألنى مثل سؤال الملازم أول سيف النصر ووجهنى بمواصله دراستى الجامعية وساعدنى فى ذلك بخطاب للتدريب والذى عمل فيه بعد تخرجنا دفعتنا الملازم خالد عبدالرحمن لكنت الان أفكر فى الدكتوراة الثالثة فى القانون !!ولكن سرحنا مع جوازات مطار الخرطوم والتذاكر والتأشيرات المجانية والسفر للسعودية والقاهرة والامارات وطاعت سنين العمر الاولى دون أن أنهى أو حتى أفكر مجرد التفكير فى مواصل الدراسة الجامعية والحمد لله على كل شىء .