منتديات ابناء السقاى
يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا نحن الضيوف وانت صاحب المنزل اهالي السقاي يرحبون بكل زائر ويسعدنا تسجيلك معنا (إدارة المنتدى)
منتديات ابناء السقاى
يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا نحن الضيوف وانت صاحب المنزل اهالي السقاي يرحبون بكل زائر ويسعدنا تسجيلك معنا (إدارة المنتدى)
منتديات ابناء السقاى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


المنتدى الجامع لأبناء السقاى الكبرى
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 جريمة الزنا بين الشريعة والقانون الوضعى مع سابقة قضائية سودانية فى الوطء بإكاره

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
بشرى مبارك




عدد المساهمات : 7557
تاريخ التسجيل : 19/02/2009
العمر : 64
الموقع : أقيم فى بيريطانيا مدينة بيرمنجهام

جريمة الزنا بين الشريعة والقانون الوضعى مع سابقة قضائية سودانية فى الوطء بإكاره Empty
مُساهمةموضوع: جريمة الزنا بين الشريعة والقانون الوضعى مع سابقة قضائية سودانية فى الوطء بإكاره   جريمة الزنا بين الشريعة والقانون الوضعى مع سابقة قضائية سودانية فى الوطء بإكاره I_icon_minitimeالجمعة 4 مايو - 6:38

جريمة الزنا بين الشريعة والقانون الوضعي

--------------------------------------------------------------------------------

(منقول ) جريمة الزنا بين الشريعة والقانون الوضعي

اعتبرت الشريعة الغراء جريمة الزنا من أبشع الجرائم التي تقع مساساً بكيان الأسرة التي هي المرتكز الأساسي للمجتمع ، وبالتالي رتبت علي من يقترفها الحد الصارم وهو رجم الزاني المحصن بالحجارة حتى الموت وللبكر الجلد والتغريب عن بلده ردعاً وزجراً له ولكل من تسول له نفسه ارتكاب تلك الشانعة .
وقد نحت القوانين الوضعية الغربية ومن نقل عنها من بعض البلدان الإسلامية منحى أباح الزنا في صور معينة ولم يرتبوا علية أي عقاب باعتباره من الأمور الخاصة التي لأتمس مصالح المجتمع واعتبروا التراضي به مانعاً للعقاب عليه ، وحصره في صور أخرى مما أدي إلي تفكك الأسرة وانتشار أبناء الزنا وإحجام الناس عن الزواج لأنهم يستطيعون قضاء وتفريغ شهواتهم بعيداً عن مؤسسة الأسرة.

الزنا في الشريعة الإسلامية


وفي البداية نريد التعرف علي جريمة الزنا أركانها والعقوبة المترتبة في حق من يقارفها .
عرف فقهاء الشريعة الزنا على أكثر من أربعة مذاهب منها
1ـ المالكية:ـ بأنه وطء مكلف فرج أدمي لا ملك له فيه باتفاق تعمداً.
2ـالاحناف :ـ انه وطء الرجل المرأة في القبل في غير الملك أو شبهة الملك.
3ـ الشافعية:ـ بأنه إيلاج الذكر بفرج محرم لعينه خال من الشبهة مشتهي طبعاً .
4ـ الحنابلة :ـ فعل الفاحشة في قبل أو دبر .
ومن الملاحظ أن الفقهاء يختلفون في وضع تعريف جامع للزنا ولكنهم يتفقون في انه الوطء المحرم المتعمد.
ومنه يستفاد أن جريمة الزنا تقوم علي ركنيين هما:ـ
1ـ الركن المادي ( الوطء المحرم) .
2ـ الركن المعنوي ( القصد الجنائي ) .
أولا :ـ الركن المادي( الوطء المحرم )
ويعتبر الوطء محرما ً، إذا كان في الفرج ، بحيث يكون الذكر في الفرج كالميل في المكحلة ويكفي لاعتبار الوطء زنا تغيب الحشفة (أو مثلها) على الأقل في الفرج .

القاعدة العامة هي أن الوطء المحرم المعتبر زنا هو ما كان في غير ملك (نكاح أو زواج) . وما لم يكن على هذه الصفة فلا يعد زنا يقام به الحد ، كالمفاخذة ( الإيلاج بين الفخذين بعيدا عن الفرج) والعناق والتقبيل والخلوة بالأجنبية والنوم معها في الفراش هذه الأفعال وان عدت من مقدمات الزنا وقد تؤدي إليه إلا أن فاعلها يعزر على ارتكابها ككونها أفعالا محرمة شرعاً وتشكل جرائم تامة وليست شروعاً في زنا .

ويذهب كثير من أهل العلم ( ملك والشافعي وأحمد والزيدية ..) أن الوطء في الدبر كالوطء في القبل يعتبر زنا موجب للحد سواء كان الفعل واقعاً علي ذكر أو أنثى .

وخالفهم في ذلك أبو حنيفة إذ لا يعتبر الوطء في الدبر زنا موجب للحد سواء أكان الموطوء ذكرا أو أنثى وحجتهم إن الإتيان في القبل يسمى زنا أما الإتيان في الدبر يسمى لواطاً فضلا عن أن الزنا يؤدي إلي اختلاف الأنساب وتضييع الأولاد وليس الأمر كذلك في اللواط .
ثانيا الركن المعنوي (تعمد الوطء )
وهو أن يتوفر لدى الزاني أو الزانية نية العمد كأن يعلم الزاني انه يزني بامرأة لا تحل له ، أو أن تمكن الزانية رجلا من نفسها وهي تعلم انه محرم عليها .
ومتى توافر هذان الركنان بلا شبهة وجب إنزال الحد بشروطه .
عقوبة الزنا
العقوبة نوعان :ـ
1ـ عقوبة البكر 2ـ عقوبة المحصن


أولا عقوبة البكر

رتبت الشريعة عقوبتي الجلد والتغريب علي الزاني البكر رجلا ً كان أو امرأة، لقوله تعالى ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) . ودليل التغريب قوله صلى الله عليه وسلم " خذوا عني فقد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام " والجلد كما هو معلوم عقوبة حدية وليست تعزيزا وليس للقاضي منها أو يزيد ولا يوقف تنفيذها كما لا يملك ولي الأمر حيالها العفو أو التعديل ، أما التغريب فمختلف في وجوبها فهي متروكة لولي الأمر.


ثانياً عقوبة المحصن




شددت الشريعة عقوبة المحصن فجعلتها الرجم باتفاق جميع العلماء والجلد اختلفوا فيه بين موجب ومعارض والراجح أن الرسول أمر برجم متعز والغامدية ولم يأمر بجلدهما.
وللمحصن شروط لتوافر عقوبة الرجم بحقه وهي الوطء (الإيلاج في القبل ) في نكاح صحيح والكمال في كل منهما (البلوغ العقل الحرية).
أدلة الإثبات (الشهادة ـ الإقرار القرائن )
وفي الشهادة نصاب خاص استلزمته الشريعة وهي أربعة شهود عدول لقول النبي لهلال بن أمية لما قذف بامرأته شريك بن شحماء ( البينة وإلا حد ظهرك ) وقوله صلى الله عليه وسلم (أربعة شهداء وإلا حد ظهرك ) ، وكذلك في حديثه لسعد بن عبادة .


موانع التنفيذ


يمتنع التنفيذ برجوع المقرر في إقراره أو عدول الشهود بعضهم أو كلهم عن الشهادة أو بطلان أهلية احدهم .


الزنا في القانون الوضعي


من القوانين الوضعية من ترى أن الزنا يعتبر من موجبات الحرية وهو لا يعد جريمة إلا إذا اقترن بعنف فليس كل وطء محرم أو مواقعة زنا .
ومن القوانين من يقصر الزنا علي المواقعة التي تحصل من المتزوجين فقط ولا تعتبر ما يقع من مطلقة أو أعزب زنا ولا عقاب علي المواقعة إلا في حالة اخذ المجني عليها بالعنف أو إذا كان الرضا بالمواقعة معيباً بان كانت المجني عليها اقل من ثمانية عشر عاما ًويكيف الجرم بأنه جنحة بسيطة تستوجب الحبس والغرامة.



أركان جريمة الزنا في القانون المصري


1ـ الركن المادي هو فعل الوطء .
2- و الركن المعنوي هو القصد الجنائي بركنيه العلم والإدارة .
3- أما الركن المفترض هو قيام علاقة الزوجية .

وفي هذا نقل المشرع المصري عن نظيره الفرنسي بشأن جريمة الزنا مع بعض التغيرات حيث كان المشرع الفرنسي في البداية يجرم زنا الزوجة دون الزوج .
ولكن المشرع المصري اعتبر الزنا لا يقع إلا في إطار رابطة الزوجية فقط وبالتالي يخرج من نطاق التجريم الأعزب الزاني والمطلق .
ثم أورد قيدا إجرائيا علي حق النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية ضد الزوجة الزانية واشترط لذلك تقديم الزوج شكوى بطلب اتخاذ الإجراءات ، ثم أعطي الزوج الحق في التنازل في أية حالة كانت عليها الدعوي ولو بعد صدور حكم نهائي بات ، بينما سلب هذا الحق الزوجة ووقت تنازلها قبل الحكم النهائي . ثم فرق في العقوبة بين الزوجين حيث شددها علي الزوجة دون الزوج .


ثم بدا المشرع الفرنسي يتوسع في نطاق جريمة الزنا ، فبعد أن كانت قاصرة على الزوجةفقط بدا يجرم زنا الزوج ولكن بشروط معينة وهى أن ترتكب الجريمة مرتين على الأقلويكون ذلك في منزل الزوجية أكثر من مرة .
وقد اقتفى المشرع المصري اثر الفرنسي أيضا إذ اشترط منزل الزوجية محلا لجريمة الزنا مفرقا بين زنا الزوج وزنا الزوجة كما في نص المادة (277) عقوبات الخاصة بزنا الزوجة يثبت في أي مكان ترتكب فيه الجريمة، بينما لا يثبت زنا الزوج إلا إذا ارتكب الجريمة في منزل الزوجية، (المادتان 247، 277 - عقوبات). يأتي هذا الحديث بمناسبة عجز القضاء المصري عن إيجاد نص يجرم مسلك ما سمي مؤخرا بقضية الزنا بتبادل الزوجات حيث مثل المتهمون أمام النيابة العامة وبكل بجاحة ادعوا أن عملهم ليس خروجا علي قاعدة قانونية حيث أن كل إعمالهم تمت بالتراضي وبشكل علني من زوجاتهم وبالتالي فلا جريمة !!!!!!!!!
قال تعالي إِنَّالَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ


ثانيا الاجراءات
========
لابد من توافر واحد من الشروط التاليه لايقاع الحد شرعا
اولا ان يقر الزانى بارتكابه الزنا
ثانيا ان يشهد على الزانى اربعة شهود عدول
ثالثا ان توجد المرأه حاملا وهى بغير زوج

اولا الاقرار
=====
لابد ان يقر الزانى بجريمته اربعه مرات انه قد فعل وللامام ان يعرض عنه ويدع له الفرصه ان يرجع فى اقراره وله ان يعرض له بعدم تكميل الاقرار فاذا اصر على اقراره استوثق الامام منه عن كيفية ارتكابه للزتا لعله لم ياتى بالزنا المستوجب للحد فاذا اقر اقيم عليه الحد
ثانيا شهاده الشهود
=========
تعامل الاسلام مع الزنا على قدر خطورته على المجتمع ككل فالزنا جريمه لو حدثت لهدمت اسره ولربما شردت ابناء واو انتشرت لافتتن الناس وضاع ايمانهم فكان التشدد فى شرائط اثبات الزنا مناسبا لخطورته ومناسبا ايضا لحال عقوبته الشرعيه المغلظه فقد اشترط الشرع ان يشهد على من ياتى الزنا اربعه شهود عدول شهادتهم متطابقه وتؤكد بما لا يدع مجالا للشك ان الجريمه قد وقعت وان المتهم بها هو من فعلها ولا تصح الشهاده فيما لو اكد ثلاثه من الشهود الواقعه وشك الرابع مجرد شك بسيط
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mubark59@hotmail.com
بشرى مبارك




عدد المساهمات : 7557
تاريخ التسجيل : 19/02/2009
العمر : 64
الموقع : أقيم فى بيريطانيا مدينة بيرمنجهام

جريمة الزنا بين الشريعة والقانون الوضعى مع سابقة قضائية سودانية فى الوطء بإكاره Empty
مُساهمةموضوع: رد: جريمة الزنا بين الشريعة والقانون الوضعى مع سابقة قضائية سودانية فى الوطء بإكاره   جريمة الزنا بين الشريعة والقانون الوضعى مع سابقة قضائية سودانية فى الوطء بإكاره I_icon_minitimeالسبت 5 مايو - 20:15

ابراهيم عطية بابكر
Senior Member تاريخ التسجيل: Jun 2010
الدولة: مدينة ودمدني
المشاركات: 575

سابقة قضائية شبهة وطء المرأة بأكراه

--------------------------------------------------------------------------------

بسم الله الرحمن الرحيم


المحكمة العليا


القضاة:
السيد/ حنفي إبراهيم نائب رئيس القضاء رئيساً
السيد/ على يوسف الولي قاضي المحكمة العليا عضواً
السيد/ أحمد جعفر حامد قاضي المحكمة العليا عضواً

حكومة السودان / ضد / الحاجة الحسين سليمان
م ع/م ك/84/1406هـ

المبادئ:
قانون جنائي – وطء المرأة بإكراه ليس بجريمة حدية لانعدام القصد الجنائي.
قانون جنائي – الشبهات قسمان – شبهات قوية – لا حد ولا تعزيز شبهات ضعيفة تسقط الحد وتقرر التعزير.
1/ وطء المرأة بإكراه سواء نتج عنه الحمل أو لم ينتج ليس بجريمة مطلقاً حدية أو غير حدية في حق المرأة لانعدام الرضا والموافقة أي التعمد أو القصد الجنائي
2/ أن الشبهات ليست مرتبة واحدة في القوة فهي قسمان شبهات قوية تمحو وصف الجريمة ويترتب عليها سقوط العقوبة وشبهات لا تمحو وصف الجريمة ولكنها فقط تسقط الحد.
الحكــــم

القاضي: الشيخ حنفي إبراهيم أحمد
التاريخ: 1/5/1988م

المذكــــرة

تتلخص وقائع هذا الفحص بأن المحكوم عليها أعلاه قد حملت سفاحاً وسلمت نفسها للشرطة تحت المادة 318 عقوبات لسنة 1983 وجاء بأقوال المحكوم عليها أنها في يوم من الأيام قد ذهبت لجمع البلح من الجنائن وكانت معها زوجة أبيها وعندما وصلت الجنينة وهي بعيدة عن زوجة أبيها بدأت في لقيط البلح فجأة ظهر وراءها شخصان قام أحدهما بوثق يديها بالثوب الذي كانت تلبسه وأوقاعها أرضاً وجرداها من ملابسها الداخلية وأحدهما أدخل ذكراً كاملاً في فرجها حتى قذف ثم نادى على زميله الذي فعل بها مثل ما فعل الأول وأنها صرخت ولم تجد مغيثاً وأنها ذهبت لأهلها ولم تبلغهما خشية الفضيحة ومكثت فترة أربعة أشهر ثم شعرت بالحمل يدب في أحشائها وعندما لجأت للشرطة لحمايتها من أهلها وأنها امرأة ثيب ومطلقة هذا هو إقرار المتهمة كما ورد في أقوالها ولم يستطع الاتهام أن يورد بينات سوى إقرار المتهمة بالواقعة والحمل الذي كان في بطنها وتساءلت المحكمة هل ارتكبت المتهمة جريمة الزنا المعرفة في المادة 316 عقوبات. أن المتهمة أقرت إقراراً صريحاً في كل مراحل القضية بأنها قد تعرضت للاعتداء من قبل شخصين واتصلا بها إتصالاً جنسياً كاملاً حسب التعريف الوارد لجريمة الزنا في المادة 316(1) من قانون العقوبات لسنة 1983 ولم تعدل عن هذا الإقرار كما ثبت بإقرار المتهمة بأنها محصنة لأنه سبق لها الزواج ودخل بها وطلقت وقالت محكمة الموضوع أن أمامها البينة الكبرى وهي البينة الأهم فقد ثبت من التقرير الطبي حمل المتهمة وثبت أيضاً أنها وضعت هذا الحمل وأن المحكمة ليست في حاجة إلي الإقرار طالما أن القانون أفرد الحمل كبينة مستقلة – وبما أن المتهمة ليست بذات زوج فتكون المتهمة قد ارتكبت جريمة الزنا مع شخصين وسمحت لهما بمواقعتها برضائها دون أن يكون هنالك رباط شرعي وبذلك توفرت عناصر المادة 318 عقوبات لسنة 1983 ولم يكن هناك مسقط من مسقطات حد الزنا وإدعاء المتهمة بالإكراه أمر غير مقبول لأنه لا يعقل أن تمكن امرأة نفسها لشخصين مجهولين يرتكبان معها هذه الواقعة ثم يعودا ولا تعرف جهتهما لا سيما وأن الوقت كانت الشمس بدأت في الشروق. وقد جاء في السابقة القضائية م ع/م ك/27/1405هـ أن مالك يرى ظهور الحمل في غير المتزوجة يوجب عليها الحد دون الحاجة إلي إقرار ما لم تقم بينة على الإكراه.
وقالت محكمة الموضوع أنه من تضارب أقوال المتهمة وما سقناه من مبررات تؤكد كذبها ومحاولاتها الإفلات من العقاب وعدم وجود شبهه في تقديرنا تدرأ الحد فنرى أن المتهمة قد ارتكبت جريمة الزنا كما عرفتها المادة 316 والمعاقب عليها تحت المادة 318 عقوبات 1983 ونرى توقيع عقوبة الإعدام رجماً عليها.
من الوقائع المذكورة والتحصيل أن محكمة الموضوع أدانت المتهمة بما ثبت من حملها سفاحاً ورغم أن المتهمة أقرت بالزنا وادعت الإكراه فلم تعول المحكمة على الإقرار بل بنت حكمها على واقعة الحمل الذي أثبته التقرير الطبي وتأيد بولادة الجنين فهل يعتبر الحمل من طرق إثبات جريمة الزنا. اختلف الفقهاء في حمل المرأة إن كانت ليست ذات بعل ولا سيد ولا وافدة. فيرى المالكية اعتبار الحمل دليلاً على الزنا ويوجبون الحد وحجتهم في ذلك ما روي عن عمر بن الخطاب أنه قال الرجم واجب على كل من زنا من الرجال والنساء إذا كان محصناً إذا قامت البينة أو كان الحمل أو الاعتراف ويرى المالكية أيضاً أنه لا تقبل دعواها الغصب إلا إذا قام دليل عليه.
أما بقية الأئمة والجمهور فلا يرون إقامة الحد بسب الحمل لاحتمال أن يكون الوطء بإكراه ولربما كان الحمل من غير وطء وفي هذا شبهه تدرأ الحد.
إن المتهمة ادعت الإكراه ولم تعط محكمة الموضوع هذه الدعوى وزناً وكان عليها أن تحقق في صحة خروج المتهمة من منزلها في الفجر الباكر ومن كان معها ومن تكون زوجة أبيها التي كانت معها كل ذلك لم يجد التحقيق اللازم بحيث أنه لو ثبتت هذه القرائن لكانت دعوى الإكراه أقرب إلي الصدق – أما الوضع الذي انتهي إليه التحقيق فإن احتمال صدقها في دعوى الإكراه وكذبها احتمالان لا يقوى أحدهما على مقاومة الآخر وهذا وحده أوجد شبهه تدرأ الحد وقد وجد باب لعسى ولعل وإذا كان في الحد لعل وعسى فقد بطل.
لقد ذكرت محكمة الموضوع في ميلها لإدانة المتهمة بالجريمة الحدية من أنها لا تتفق مع المتهمة بأنها قد ارتكبت هذه الواقعة تحت الإكراه السالب لإرادتها وأوردت عبارة من التشريع الجنائي لعبد القادر عوده (إن إتيان المرأة دون رضاها جد عسير) ونرى أن مسألة الإكراه السالب للإرادة وارده لا سيما وفي مثل الزمان والمكان الذي ذكرته المتهمة ولم يقم دليل علي تكذيبها – كما أنه لا يمكن إتيان المرأة دون رضاها نقلاً عن التشريع الجنائي فإن هذا ليس في كل حالة لربما كان الإكراه غالباً وخافت على نفسها واستسلمت لكل ذلك فقد وجدت أكثر من شبهه وبالتالي يسقط الحد وبما أن المتهمة ظلت بالسجن لفترة تقارب الثلاث سنوات فنرى الاكتفاء بذلك في التعزير وإطلاق سراحها.
القاضي على يوسف الولي :
التاريخ 14/8/1988
أرى براءة المتهمة من طائلة جريمة الزنا تحت المادة 318 من قانون العقوبات لسنة 1983 وإخلاء سبيلها فوراً وبذلك اختلف مع احترامي الشديد لزميلي العالم حنفي إبراهيم الذي أيد إدانة المتهمة بالجريمة المذكورة ودرأ الحد بتهمة الإكراه.
ليس هنالك أي بينات ضد المتهمة سوى اعترافها لأنه لم يعد هنالك شاهد في مسرح الجريمة فالمرأة التي كانت تصاحب المتهمة قبيل الحادث لم تذهب معها إلى هناك وأن الرجلين اللذين تدفع المتهمة قبل الحادث لم تذهب معها إلي هناك وأن الرجلين الذين تدفع المتهمة بأنهما اغتصباها أو عملا على إكراهها على الزنا بها لم يظهروا في الصورة.
فالقاعدة العامة بالنسبة لقبول الإقرار القضائي كبينة شرعية هي ضرورة الركون والارتكاز إليه ككل دون تجزئة لأنه لا يجوز – عدالة وإنصافاً – إخذ ما هو ضد المقر وترك وطرح ما هو في صالحه ولكن نجد أن الاستثناءات من هذه القاعدة العامة هي أن ترفض المحكمة أجزاء الإقرار التي لا تطابق الحقيقة والواقع لأن المقر حشرها حشراً لتبرير أفعاله الإجرامية كادعاءات باطلة كاذبة واختلافات وتضليل وتلفيق وافتراءات لا أساس لها من الصحة ولها أيضاً أن ترفض تلك الأجزاء من الإقرار ما يجافي العقل ومنطق الأشياء السليم والمجرى العادي للأمور الطبيعية.
ففي هذه القضية التي بين أيدينا دفعت المتهمة بأنها مكنت من نفسها رجلين مجهولين بعد أن أكرهاها على الوطء فإذا صدقنا دفاعها فإن جريمة الزنا في حقها غير ثابتة لانعدام الركن الأساسي لها وهو القصد الجنائي فقد جاء في كتاب التشريع الجنائي الإسلامي الجزء الثاني – ص 349 ما يلي:
"أن الفقهاء يختلفون في تعريف الزنا ولكنهم مع هذا الاختلاف يتفقون في أن الزنا هو الوطء المحرم المتعمد ومؤدى هذا انهم متفقون في أن لجريمة الزنا ركنين:
أولهما: الوطء المحرم وثانيهما: تعمد الوطء أو القصد الجنائي.
ووطء المرأة بإكراه سواء نتج عنه الحمل أم لم ينتج ليس بجريمة مطلقاً حدية أو غير حدية في حق المرأة لانعدام الرضا والموافقة أي التعمد أو القصد الجنائي والإكراه هنا ليس بشبهه فقط تدرأ الحد بل شبهه تقود مباشرة إلي البراءة بالنسبة للمرأة المغتصبة المكرهة على الزنا فقد جاء في كتاب التشريع الجنائي الإسلامي الجزء الثاني – ص 364 ما يلي:
"ومن المتفق عليه أنه لا حد على مكرهة على زنا لقوله تعالي: "وفقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه" ولقوله "فمن اضطر غير باغ ولا عادٍ فلا إثم عليه" ولقول رسول الله صلي الله عليه وسلم "عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" ... ومن المتفق عليه أنه لا فرق بين الإكراه بالإلجاء وهو أن يغلبها على نفسها وبين الإكراه بالتهديد فقد استكرهت امرأة على عهد الرسول فدرأ عنها الحد وأتي عمر بإماء الإمارة استكرههن غلمان الإمارة فضرب الإماء كما جاءته امرأة استسقت راعياً فأبي أن يسقيها إلا أن تمكنه من نفسها ففعلت فقال لعلي ما ترى فيها؟ قال إنها مضطرة فأعطاها شيئاً وتركها ....".
ففي هذه القضية التي بين أيدينا عند تقييمي لإقرار المتهمة في مجلس القضاء والصحيح الصريح غير المرجوع فيه أرى خلافاً لما ارتأته محكمة الموضوع أن المتهمة قد استكرهت على عملية الزنا التي ترتب عليها ذلك الحمل بواسطة الرجلين المجهولين وذلك لأني أعول على إقرار أو اعتراف المتهمة ككل دون تجزئه باعتباره إقرار لم يرد فيه ما يجافي العقل ومنطق الأشياء والمنطق السليم والمجرى العادي للأمور الطبيعية كما لم يرد فيه ما يعتبر تلفيقاً وافتراءً وإدعاءً باطلاً حشرته المتهمة حشراً لتبرير اقتراف جريمتها فمنطق الأشياء ينطق والعقل يقبل والمجرى العادي للأمور الطبيعية يقر بأن نصدق امرأة في روايتها بأن رجلين أحكما رباطها وطرحاها أرضاً وباشرا كرهاً معها العملية الجنسية الأول تلو الآخر والدليل على عدم رضاها وقبولها هو بكاؤها واستغاثتها حيث لا يوجد غوث. وإذا كانت المتهمة لم تبلغ الأمر للشرطة في حينها إلا بعد ظهور الحمل وإذا كانت لم تتعرف على الرجلين برغم أن الشمس بدأت في الشروق ولم تفصح عنها فإن السبب في كل ذلك خوفها على سمعتها خصوصاً وأنها امرأة مطلقة تأمل أن يتقدم لها من يود الزواج منها وليس ذلك يثبت – كما رأت محكمة الموضوع- موافقة المتهمة على الزنا بها ولا أرى أن ذهابها ليلاً إلى الجنائن لحصد البلح يعني أنها كانت على موعد لارتكاب الزنا لأنه من الطبيعي وفي العادة أن جنى ثمار البلح في شمال البلاد يتم ليلاً حيث تكون البهائم محفوظة في زرائبها حتى لا تأكل البلح أثناء إنزاله من النخيل وتزعج من يحصدون ويقيني لولا الحمل الذي كان نتيجة لاستكراه المدانة على الجماع لما انفضح الأمر. أخلص من ذلك أنه ليس في إقرار المتهمة ما يدعو إلي تكذيبها فيما روت بأنها استكرهت على ارتكاب الزنا ولا اعتقد أن تطبيق القاعدة التي وضعها لنا رسولنا الأمين صلي الله عليه وسلم على حالة هذه المتهمة وهي للأمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة كحديثه المشهور صلي الله عليه وسلم "ادرءوا الحدود بالشبهات" وعن أبي هريرة رضي الله عنه " ادفعوا الحدود ما وجدتم لها مدفعاً" رواه ابن ماجة.
ولنناقش ما استندت عليه المحكمة لتوقيع الحد على المدانة وإن لم يراع الترتيب في ذلك. أول ما نجده هو أن المحكومة لم تقر ولم تعترف البتة بالزنا رغم وصف المحكمة لما أدلت به بالاعتراف فالاعتراف بالزنا هو الاعتراف الكامل بالقصد الجنائي كاعتراف ماعز والغامدية بينما لم تزد المحكومة من أن قالت أنه تم الاتصال بها جنساً بإكراه شخصين ربطاها و واقعاها عنوة ولم تجد من يحميها منهما، فأين الإقرار بالزنا هنا ؟ أن كانت المحكمة قد اسنتنجت أنها كانت راضية فليس هذا إقرار منها وإنما هي شكوك واشتباه من المحكمة كان المفروض أن تعتبرها المحكمة كذلك وبالتالي يكون منها اعتبار إنكارها للزنا المتعمد شبهة تدرأ الحد. وأغرب ما في هذا الأمر أن المحكمة صدقت المحكومة في أن المعتدين عليها شخصان وفي الزمان والمكان اللذين حددتهما وبنت المحكمة على هذا ما وجهته لها من اتهام ثم أدانتها بنصف قولها بينما رفضت أن تصدق النصف الآخر الذي ذكرت فيه أنها استكرهت على هذا الفعل. فمن أين عرفت المحكمة أن المتصلين بالمحكومة شخصان وليس أقل أو أكثر . ولماذا صدقت المحكمة ذلك ؟ وبما أن المحكومة قد نفت رضاها وتمكينها من نفسها راضية للمعتدين يتضح أن ما أدلت به ليس إقرار صحيحاً كما ذكرت المحكمة وإنما أفادت لتبرير حملها لا يمكن أن تحمل الأمام على توقيع الحد.
أما البينة الأخرى التي وصفتها بأنها مهمة وقاطعة ومقبولة بشكل منفصل من الإقرار فهي اتضاح أن المحكومة حامل، والغريب أن السيد رئيس المحكمة تمسك برأي الأمام مالك وهو الوحيد من الأئمة الذي اعتبر هذه البينة بينة قاطعة ولا تحتاج إلى الإقرار وأغفل رأي بقية الأئمة الثلاثة أبو حنيفة والشافعي وأحمد الذين يرون خلاف ذلك، ورأي هؤلاء الأئمة لم يكن يحتاج لعناء بحث لأنه مذكور في نفس المرجع الذي أشار إليه فهو على صفحة 441 من الجزء الثاني لكتاب عبد القادر عوده (التشريع الجنائي الإسلامي) حيث يقول: (والحمل ليس قرينه قاطعة على الزنا بل هو قرينه تقبل الدليل العكسي فيجوز إثبات أن الحمل حدث من غير زنا، ويجب درء الحد عن الحامل كلما قامت شبهه في حصول الزنا أو حصوله طوعاً، فإذا كان هنالك مثلاً احتمال بأن الحمل كان نتيجة وطء بإكراه أو بخطأ وجب درء الحد.
ويرى أبو حنيفة والشافعي وأحمد أنه إذا لم يكن دليل على الزنا غير الحمل فادعت المرأة أنها أكرهت أو وطئت بشبهه فلا حد عليها فإذا لم تدع إكراها أو وطأ بشبهة فلا حد عليها أيضاً مالم تعترف بالزنا، لأن الحد أصلاً لا يجب إلا ببينة أو إقرار.
وكيف تترك محكمة الموضوع الأيسر في إجماع ثلاث مذاهب وتأخذ بأشد وأغلظ المذاهب في هذا الأمر ورغم أحاديث الرسول عن ضرورة درء الحدود ما وجدنا لذلك مدفعاً وبالرغم من أنه لم يذكر ذلك صراحة إلا أنه يبدو أن السيد رئيس المحكمة قد اعتمد على نص المادة 316(2) التي تتحدث عن طريقة إثبات الزنا، وهذا النص لا يعدو في رأي أن يخطئ في العقوبة كما رأت محكمة الموضوع فيه تعطيل للحدود لأن الشريعة الإسلامية السمحاء أمرتنا بالتشدد في إثبات جرائم الحدود ومنعتنا من التساهل في إثباتها وأن نفسر كل شئ معقول وشبهه لصالح المتهم حتى لا تأخذه الظنون والظن لا يغني عن الحق شيئاً.
القاضي أحمد جعفر حامد :
التاريخ 26/5/1988.
لقد توصل الزميلان المحترمان وان اختلفت أسبابهما إلي نتيجة واحدة فحواها هو إطلاق سراح المحكومة فوراً، فالزميل العالم حنفي إبراهيم يرى شبهه الإكراه تدرأ الحد خاصة وأن المحكمة لم تتقصى حقيقة رواية المحكومة، ولكنه يرى اعتبار الفترة التي قضتها عقوبة تعزيرية رغم سقوط الحد عنها، بينما رأى الزميل العالم علي الولي أن المحكومة لم ترتكب جرماً البتة تستحق عليه الإدانة أو التعزير وأنه يجب إعلان براءتها وتصديق روايتها لأن إقرارها يجب ألا يجزأ فإما أن يؤخذ كله أو يترك كله.
وألخص ما اعتمدت عليه محكمة الموضوع الموقرة في الإدانة والأمر بإقامة حد الرجم في النقاط التالية:
1/ اعتمدت المحكمة على ما وصفته بأنه إقرار صحيح وصريح في كل مراحل الدعوى وفي مجلس القضاء مما يجعله مطابقاً لنص المادة 20 من قانون الإثبات.
2/ وعلى أنه بما أن المحكومة كانت متزوجة وطلقت فهي بالتالي تعد محصنه لأن الإحصان تحقق في حقها ولا يشترط بقاء الزواج ليحقق الإحصان فلو تزوج أحد بأخرى أو تزوجت هي زواجاً صحيحاً وانتهت العلاقة بينهما يعتبر كل منهما محصن ويرجم.
3/ والدليل الثالث المهم، في رأي المحكمة هو الحمل إذ ثبت من التقرير الطبي أن المحكومة كانت عند المحاكمة حامل في شهرها الخامس وقد ذكرت المحكمة أن هذا يعتبر بينه منفصلة دون الحاجة إلي الإقرار.
4/ ورفضت المحكمة دفع المحكومة بأنها تعرضت لإكراه على الزنا على أساس أنه لا يعقل ذهابها إلى الجنينة لجمع التمر في ذلك الوقت المتأخر من الليل دون أن يصحبها آخرون، كما أنه لا يعقل أن تمكن شخصين مجهولين من نفسها ولا تستطيع أن تتعرف علهيما رغم أن الشمس أشرقت قبل ذهابها حسب روايتها وهذا يدل علي الاتفاق معهما.
5/ إن عدم إخطارها للسلطات ولذويها يعزز الرأي بأنها كانت راضية كما أن هروبها من المستشفى وهي تحت الحراسة عدة مرات يؤكد أن قصتها ملفقة.
ومن كل ما تقدم خلصت محكمة الموضوع إلي أن المتهمة ارتكبت جريمة الزنا مع شخصين سمحت لهما بالاتصال بها ومواقعتها برضائها دون رباط شرعي وقضت بإقامة الحد الشرعي عليها وهو الإعدام رجماً.
وفي تقديري أن المحكمة الموقرة لم تبذل جهداً لدرء الحد بالشبهة رغم توفر ذلك في أكثر من موضع وفي هذا مخالفة للحديث الشريف الذي ينص صراحة على ذلك ويشجعه يكون تزايداً غير حميد من المشرع لأن القانون هو قانون العقوبات وليس قانون إثبات، وفي رأيي أيضاً أنه يمكن رفض ما جاء في هذه المادة الفرعية التي تجعل الحمل دليلاً قاطعاً مثل الإقرار والشهود الأربعة لأنه خالف نصاً شرعياً هو أحاديث الرسول صلي الله عليه وسلم التي فصلت بعضها وفصل الزميلان البعض الآخر منها والتي تأمر بدرء الحدود – بالشبهات ما استطعنا إلي ذلك سبيلاً- أن اختلاف المذاهب في شبهه الدليل أمر يعتبر في حد ذاته شبهه تدرأ الحد كما ذهب كثير من الفقهاء منهم الأمام أبو زهرة (صفحة 201 العقوبة) ولأن عدداً غالباً من فقهاء المسلمين بالمذاهب الأربعة يرى عدم إقامة الحد شرعاً على الحامل إلا إذا أقرت بالزنا أو قامت البينة الشرعية، وأن الحد يسقط أن ادعت الحامل أنها استكرهت على الزنا فلا يجوز في رأيي الاعتداد برأي واحد رابع مخالف منهم لإقامة هذا الحد بسبب أننا نستحسن هذا الرأي لأن المشرع استحسنه وفرضه علينا بنص المادة 316(2) من قانون العقوبات أن رفض الانصياع لهذا المشرع يكون الاستناد فيه على ما نص عليه هو نفسه في نفس القانون، وهذا من فضل الله علينا، وإلا كنا مجبرين على تنفيذ أخطائه، بالمادة 458 (1)(أ)(ب)(ج) و458(5).
الأمر الثالث هو رأي المشرع في الإحصان و أبادر فأقول أن المثال الذي ضربه السيد رئيس المحكمة ولخصناه في بداية هذه المذكرة لا يفي الموضوع حقه لأنه يتكلم عن حالة فيها زواج جديد لكل من المطلقة وزوجها السابق ونسي أن الزواج الجديد لكل هو إحصان جديد وليس إحصان بسبب الزواج السابق. وأعرج بعد هذا إلي ما ذكره الإمام أبو زهرة في ذات الموضوع في كتابه (الجريمة والعقوبة في الإسلام) العقوبة على صفحة 101 –102:
(ولكن عند النظر العميق لا نجد نصاً صريحاً يقرر أن المرأة المطلقة تعتبر محصنة وكذلك الرجل الذي ماتت زوجته أو طلقها يعتبر محصناً ولننقل لك عبارات جاءت في تفسير المنار (ج4ص20): أن المحصنة بالزواج هي التي لها زوج يحصنها فإذا فارقها لا تسمى محصنه بالزواج، كما أنها لا تسمي متزوجه كذلك المسافر إذا عاد من السفر لا يسمى مسافراً، والمريض إذا برئ لا يسمى مريضاً وقد قال بعض الذين خصوا المحصنات هنا بإبكار، ولعمري أن البكارة حصن منيع لا تتصدى صاحبته لهدمه بغير حقه وهي على سلامة فطرتها وحيائها وعدم ممارستها للرجال، وما حقه إلا أن يستبدل به حصن الزوجية ولكن ما بال الثيب التي فقدت كلا الحصنين تعاقب أشد العقوبتين ، إذا حكموا عليها بالرجم ؟ هل يعدون الزواج السابق محصناً لها، وما هو إلا إزالة لحصن البكارة وتعويد لممارسة الرجال، فالمعقول الموافق للفطرة هو ألا يكون عقاب الثيب التي تأتي بفاحشة عقاب المتزوجة وكذا دون عقاب البكر أو مثله في الأشد ، وعلق الإمام أبو زهرة على هذا بقوله: (ونرى من هذا أن هنالك حصنين: حصن البكارة التي تحافظ عليه صاحبته ولكن مع هذا كانت العقوبة الجلد لقرارتها ولقوة الطبع الدافع عند الرجل والمرأة على سواء والحصن الثاني حصن الزواج وبه تكاملت النعمة فتضاعف العقاب، والتي فقدت الحصنين فزالت بكارتها بزواج ثم انقطع تبقى لها قوة الطبع الدافعة فتكون محل عذر وتكون عقوبتها هي أخف العقوبتين ولا نص يمنع ذلك، ولأن العقوبة لم يثبت أنها تطبق على مثل هذا الحال ولا حد من غير نص).
واعتقادي أن ما ذهب إليه صاحب المنار والأمام أبو زهرة هو الرأي الأرجح للصواب والفطرة، كما أن كلمة أحصن تأتي بمعني تزوج ويقال حصنها البعل أو أحصنها وأحصنه التزوج (أنظر ترتيب القاموس المحيط ح11 ص 569 كلمة (حصن) والله أعلم.
ولقد رفض السيد قاضي الموضوع دفع الإكراه الذي قدمته المحكومة والثابت كما ذكرنا من رأى الأئمة الثلاثة رضوان الله عليهم أبو حنيفة والشافعي وأحمد أنهم يؤكدون أن مجرد ادعاء المرأة أنها أكرهت يعتبر شبهه تدرأ الحد، ولا أجد ما يدعوني لتكرار بعض الآيات القرآنية والأحاديث التي استعرضها مولانا علي الولي التي توضح سقوط الحد عن المستكرهة والمستكره والمضطر، وأضف عليها ما رواه عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه أن امرأة استكرهت على عهد الرسول فدرأ عنها الحد.
والإكراه في رأي معظم الفقهاء لا يحتاج إلي بينة تعضده إذا لم تتوفر وإنما يعتبر شبهه تدرأ الحد، وعند الأئمة الثلاثة يكفى ادعائه لدرء الحد بالشبهة وحتى إذا لم يدعي فلا بد من البينة الشرعية أو الإقرار قبل قيام الحد، وقد خالف ذلك الإمام مالك الذي جعل عبء إثبات الإكراه على المرأة الحامل التي تدعيه واعتقادي أن رأي الأئمة الثلاثة أقرب للعمل بأحاديث الرسول التي تحض على درء الحدود بالشبهات ودفعها ما استطعنا وما وجدنا لذلك سبيلاً.
وقد كفاني مولانا حنفي مؤونة الرد على حجة قاضي الموضوع عند استناده على ما جاء في كتاب الأستاذ عبد القادر عودة بأنه من الصعب أن تمكن المرأة الرجل من نفسها دون رضاها وأزيد على ذلك بما جاء في البدائع ج7 ص 171 (أما في حق المرأة فلا فرق بين الإكراه التام والناقص ويدرأ عنها الحد في نوعي الإكراه لأنه لم يجد منها فعل الزنا بل الموجود هو التمكين وقد خرج من أن يكون دليل الرضا بالإكراه فيدرأ عنها الحد) وهذا يؤكد إدراك الفقهاء إلي إمكانية تمكين المرأة من نفسها للمعتدى إذا اضطرت خوفاً أو طلباً للسلامة ولاعتقادها في مثل تلك الظروف أنها قد لا تجنى من المقاومة إلا الأذى أو الموت.
أما ذهاب المحكومة لجني التمر في ذلك الوقت المتأخر من الليل الذي شككت فيه المحكمة فإن مولانا علي الولي قد أشار إلي أنها عادة مألوفة الذهاب في مثل هذا الوقت وكان من الممكن للمحكمة أن تتأكد من وجود مثل هذا التقليد في تلك المنطقة بدلاً من اتهام المحكومة بأنها ذهبت خصيصاً للالتقاء بالزانيين كما أن عدم تعرف المحكومة على من هاجمها لا يقف دليلاً ضدها بقدر ما وقف في صفها لأنها هي التي ذكرت أن الشمس بدأت تشرق حينما تركها المهاجمان ولم تكن المحكمة على علم بذلك إلا منها، ولو شاءت لذكرت أن الجريمة تمت كلها في ظلام دامس فيكفي هذا لتصديق ما روته لأن ظروف الاعتداء الجنسي والخوف و الاضطراب قد لا يمكن كل امرأة من التعرف على وجوه المعتدين.
كما أن هروبها من المستشفي أو الحراسة لا يثبت أن روايتها ملفقة كما ذكرت المحكمة بل لا يثبت شيئاً على الإطلاق لأن الهروب لمن هو في مثل موقفها يمكن أن يفسر بأكثر من وجه أقربه خوفها من ألا تصدقها المحكمة فتحكم عليها بالموت وهو الذي هربت من منزل ذويها خوفاً منه، أن القاعدة الأصولية حتى في القانون الوضعي أن الشكل يفسر لصالح المتهم ولم ألحظ أن المحكمة أعطت المحكومة أية فائدة للشك رغم وجود أكثر من تفسير لكل ما آثرته المحكمة من شكوك وفسرتها ضدها.
أناقش بعد هذا ما اختلف عليه الزميلان العالمان من تعزير للمحكومة أو إعلان لبراءتها المطلقة وعدم توقيع أي عقوبة حدية أو غير حدية في حقها والواقع أن القانون الوضعي الذي درجنا على العمل تحت إمرته لفترة طويلة لا يعرف العقوبة بعد عدم كفاية الأدلة بمعنى أن كانت الأدلة غير كافية أو الشك قد فسر لصالح المتهم فلا مناص من البراءة ولا مبرر لتوقيع أي عقوبة بينما الوضع مختلف تماماً عند إعمال المعايير الشرعية في العقوبة، إذ أن إسقاط الحدود بسبب عدم كفاية مبرراتها الشرعية أو لشبهه لا يمنع الإمام من توقيع عقوبات تعزيرية إذا رأى أن في ذلك مصلحة عامة أو ضرورة اجتماعية مهمة أو تأديب للمتهم وقد جاء على صفحة 78 من (الجريمة والعقوبة في الفقه الإسلام (الجريمة) للأمام أبو زهرة ما يلي:
(أن العقوبات التعزيرية كالعقوبة المقدرة بعضها حق الله وبعضها حق العبد فيها غالب وتحقق حق الله تعالي في كل حد سقط بالشبهة وليس معنى سقوط الحد إلا تكون ثمة عقوبة قط، بل يكون التعزير ويكون ذلك حقاً لله تعالي).
وعن ماهية هذه العقوبات ومقدارها تحدث الأمام أبو زهرة عن صفحة 75 من نفس المرجع:
(التعزير هو العقوبات التي لم يرد فيها نص من الشارع بيان مقدارها لولي الأمر أو القاضي المجتهد كما كان الشأن في قضاة العصر الأول) واشترط الأمام أبو زهرة أن تتوفر في هذه التعزيرات الإسلامية الأمور الآتية:
أولاً: أن يكون الباعث علها حماية المصالح الإسلامية المقررة ولا حماية الأهواء والشهوات.
ثانياً: أن تكون العقوبات التي يقررها ناجعة حاسمة لمادة الشر أو مخففة له وألا يترتب على العقوبة ضرر مؤكد أو فساد أشد فتكاً بالجماعات. وإلا يكون في العقوبات إهانة للكرامة الإنسانية وضياع لمعان الآدمية.
ثالثا: أن تكون ثمة مناسبة بين العقوبة والجريمة فلا يسرف في عقاب ولا يستهين بجريمة.
رابعاً: المساواة والعدالة بين الناس جميعاً.
ولقد جاء في المادة 458 (3) من قانون العقوبات 1983 ما يلي:
"إذا درئ الحد بشبهه جاز توقيع أي عقوبة تعزيرية أخرى حتى ولو لم ينص على ذلك صراحة في هذا القانون".
ومن هذا كله يتضح أن توقيع عقوبة تعزيرية أمر جوازي في كل حد درئ وفي يد القاضي الذي ينظر في كل قضية على حده أمر تقديره أو تركه ولا يترتب على درء الحد وإسقاطه ضرورة النجاة المطلقة وعدم توقيع عقوبة أخرى كما في القوانين الوضعية بل أن الأمر متروك لتقدير القاضي الذي ينظر في كل قضية حسب ظروفها ولقد قصد المشرع لقانون عقوبات 1983 الذي يمكن تسميته (بالقانون الوضعي ذي العقوبات الإسلامية) في وضعه لهذا النص العام العائم بالنسبة للعقوبات التعزيرية دون إيضاح لمبررات التعزير وظروفه والنص علي مواد أخف من المواد الحدية حتى لا يبدو الأمر كعقوبة دون نص طالما أن المشرع افترض أنه قد قنن الشريعة الإسلامية في مواد محدده وثابتة في قانون العقوبات هذا، وحتى لا تضطر المحاكم وهي توقع عقوبات تعزيرية إلى إعلان إدانة المتهمين تحت جرائم خطيرة لم تجد بينة شرعية على ارتكابهم لها تمهيداً لتوقيع عقوبة تعزيرية تأديبيه للمصلحة العامة ففي هذه القضية مثلاً ليس هنالك بينة لإدانة هذه المحكومة تحت المادة 318 ل ع س لأنها استكرهت على الزنا وبالرغم من أنني أميل إلي رأي مولانا حنفي إبراهيم في أهمية توقيع عقوبة تعزيرية للتأديب على المتهمة بعد إسقاط الحد لأسباب سأسردها فيما بعد واعتبار المدة التي قضتها في الحبس كافية كعقوبة، إلا أني أرى أن نرفع يدنا عنها لأننا لا نستطيع أن نكيف هذه العقوبة مع رأينا في عدم الإدانة أن توقيع العقوبة التعزيرية دون الإشارة إلي تحفظنا هذا فيه إجحاف بالمحكومة لأنه سيظهر في سجلها إدانة بالزنا أو تأييداً لإدانة بالزنا مع تخفيف العقوبة من الإعدام للحبس فهل إلي هذا قصد المشرع ا لإسلامي ؟
لقد أخطأت المحكومة بسكوتها على ما حدث لها مما كان يستدعى تأديبها بسبب الآتي:
1/ أن سكوتها على حادث الاعتداء الجنسي الذي حدث لها وعدم إخطار السلطات أو حتى أهلها منع تعقب ومطارده الجناة، وضيع احتمال التعرف عليهما وفي هذا تشجيع لهما على تكرار فعلتهما بنفس الجرأة والخسة مع أخريات وفي هذا أيضاً ضرر للمجتمع والمصالح الإسلامية.
2/ أفرز هذا السكوت تعرض أهلها وذويها لإشانة السمعة كانوا في غنىً عنها لو أعلنت عن الذي حدث لها مما كان سيجعلها محل شفقة ورحمة ومساعدة من الآخرين بدلاً من عدم تصديقها حتى من المحكمة كما ظهر أخيراً بعد ظهور حملها.
ولكن هل هذه الأخطاء تستدعى الإدانة وإلصاق تهمة الزنا بالمحكومة إلي الأبد ؟ أن شبهة قد لحقت بدليل الاتهام وهو الحمل ولذلك يتعين أن نعرف مرتبة هذه الشبهة من القوة أو الضعف قبل أن نقرر أحقية التعزير لهذه المرأة من عدمه ويقول أبو زهرة على صفحة 237 من كتابه المشار إليه (العقوبة).
(أن الشبهات ليست مرتبة واحدة في القوة، منها شبهات قوية ومنها شبهات ضعيفة ويصح لهذا أن نقسمها من حيث آثارها إلي قسمين: شبهات قوية تمحو وصف الجريمة، ويترتب على محو وصف الجريمة سقوط العقوبة حتماً وشبهات ضعيفة لا تمحو وصف الجريمة ولكنها فقط تسقط الحد).
ويقول في ذيل صفحة 239 من نفس المرجع:
(ولا عقوبة تفرض إذا كانت الشبهة قوية فلا حد ولا تعزير لأنه إذا زال وصف الجريمة فلا عقاب وإذا كانت الشبهة ضعيفة فإنها تسقط الحد ولا تمحو وصف الجريمة كما قررنا فالتحريم ثابت وإذا كانت عقوبة الحد قد سقطت فوراء ذلك عقوبة التعزير، وينتقل العقاب من عقوبة مقدرة إلي أخرى غير مقدرة).
وعلى صفحة 238 من نفس المرجع:
(أن الشبهات التي تتعلق بالدليل كلها شبهات قوية لأن أساسها أن التحريم في بعض الأنظار غير ثابت وكذلك التي تتعلق بالملك) أن البينة الوحيدة ضد المحكومة كما أسلفنا كانت بينة الحمل الذي أكدت أنها استكرهت عليه هو يكفي في نظر أغلبية الفقهاء ليكون شبهه تسقط الحد، وفي اعتقادي أنها في قضيتنا هذه شبهه قوية لافتقار الاتهام إلي أي دليل آخر أو بينه تؤيد ما ذهب إليه، ولذلك انتفى وصف الجريمة ولا يجوز إدانتها تحت المادة 318 ق ع س بتهمة الزنا تمهيداً لتأديبها بالتعزير.
ولذلك أفضل أن التقي مع مولانا على الولي في إعلان براءتها من الإدانة تحت المادة 318 ق ع س ومع الزميلين في الأمر بإطلاق سرحها فوراً
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mubark59@hotmail.com
بشرى مبارك




عدد المساهمات : 7557
تاريخ التسجيل : 19/02/2009
العمر : 64
الموقع : أقيم فى بيريطانيا مدينة بيرمنجهام

جريمة الزنا بين الشريعة والقانون الوضعى مع سابقة قضائية سودانية فى الوطء بإكاره Empty
مُساهمةموضوع: رد: جريمة الزنا بين الشريعة والقانون الوضعى مع سابقة قضائية سودانية فى الوطء بإكاره   جريمة الزنا بين الشريعة والقانون الوضعى مع سابقة قضائية سودانية فى الوطء بإكاره I_icon_minitimeالسبت 5 مايو - 20:23

-----------------------------------------------------مداخلة من الرائد شرطة معاش بشرى مبارك إدريس رئيس قسم شرطة العيلفون وأمضواًبان الاسبق---------------------------

بالرجوع الى التأريخ الذى وقعت فيه هذه الحادثة نجده فى العام 1988م وهى الفترة التى كان يحكم البلاد فيها حكومة السيد الصادق المهدى والمعروف أن السيد رئيس الوزراء الصادق المهدى قد كتب ما لم يكتبة مالك فى الخمر فى عيوب الشريعة المطبقة من العام 1983م فى سبتمبر بما يعرق بقوانيين سبتمبر وعلى الرغم أنه عندما كان رئيساً للوزراء لم يلغيها ولكن لا أعتقد أن الحدود كانت قائمة بل معطله .
فلو حاولت محكمة الموضوع والتى أدانت المتهمة بحد الرجم لو حاولت الحديث عن شبه تعطيل الحدود وحدها لكانت سبباً فى الحكم على الاقل بالتعزير وليس بالحد ولكن قاضى محكمة الموضوع كان مصراً على الرجم (وكأنه ولى أمر المتهمه!!!) .
السؤال هل الشروط الاتية :


========
لابد من توافر واحد من الشروط التاليه لايقاع الحد شرعا
اولا ان يقر الزانى بارتكابه الزنا
ثانيا ان يشهد على الزانى اربعة شهود عدول
ثالثا ان توجد المرأه حاملا وهى بغير زوج

هل الشروط هذه واحد منها يكفى لتنفيذ الحد أم لابد أن تتوافر الثلاثة شروط ؟؟ ويبدو لى أن توفر شرط واحد وهو وجود الحمل من غير زواج وهو الثابت فى هذه القضية والذى لم تنكره المتهمه بل أنكرت رضاها وإتفاقها مع شخصين فى وقت واحد ليزنيا بها !!!.
فهل محكمة الموضوع تقصت الحقائق حول سلوك المتهمة وأسباب طلاقها بل وأسباب عدم حملها من زوجها الاول (وحملها فى مواقعة جبرية فى ظروف غير ملائمة من شخصين حسب روايتها !!!) وهل حامت حولها شبهات من قبل وهل أستجوبوا جيرانها من الجنسين عن سلوكها العام هل كانت ملتزمة بيتها أم أنها كانت (خفيفة ولفيفة ) تبارى نظرات الشباب وتنظر لهم بالطاقة والشباك والباب . كل هذه الاسئلة كانت تحتاج الى إجابات ميدانية بل كان المتحرى فى البلاغ عليه إماطة اللثام عن أمر هذا الحمل هل فعلاً وصل المتحرى ومن بعده القاضى الى قناعة ليس فيها أدنى شك بالحكم بإزهاق روح متهمه (رجماً بالحجارة !!!) ؟؟؟.
هذه الشروط الثلاثة لايتوفر فى قضيتنا هذه إلا المرأة الحامل فهل حمل المرأة وحده سبب لإيقاع حد الرجم عليها ؟؟
وهل وجدت محكمة الموضوع بينات كافية توصلت فيها لقناعة غير قابله للشك بأن المتهمه مكنت نفسها من الرجال الاثنين ؟؟.
وإذا وجب إقامة حد الرجم على الزاني أو الزانية بإقرار أو شهادة شهود أو بينة فيرجم بحجارة معتدله لابحصيات خفيفة لئلا يفوت التنكيل المقصود من اقامة الحد بل يضرب بحجر ملء الكف !! هل هناك إقرار فى قضيتنا هذه الاجابة بلا لان المتهمة أقرت بالوط ولكن ذكرت أنه كان قهراً والواجب لإقامة حد الرجم أن تعترف أن الوطء كان برضاها مثل مافعلت (الغامدية التى أتت الى النبى محمد صلى الله عليه وسلم )، وهل هناك شهود أربعة عدوول أقروا بأنهم شاهدوا الرجلين ؟؟ لا يوجد حتى زوجه أبيها لم تشاهد الواقعة ولم تسمع صياح بنت زوجها المسكينة !!! ونأتى للشرط الثالث أو بينة ويبدو أن هذا الشرط أو بينة هو الذى أجتهد فيه المتحرى فى البلاغ وقاضى محكمة الموضوع الذى حكم بحد الرجم .
خلاصه الامر أتفق مع قضاة المحكمة العليا الذين أجتهدوا وأصابوا فى تبرئتهم لها من حد الرجم والامر بإطلاق سراحها وليت محكمتنا الموقره أمرت بإطلاق سراحها مثلما فعل رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم للغامدية والتى ذهبت حتى وضعت حملها ثم عادت بعد أن بلغ الصبى عامين وأصبح يأكل الخبز لوحده .
نسأل الله أن يحفظ بناتنا وأولادنا من الفواحش وخاصه من الزنا يارب العالمين وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mubark59@hotmail.com
بشرى مبارك




عدد المساهمات : 7557
تاريخ التسجيل : 19/02/2009
العمر : 64
الموقع : أقيم فى بيريطانيا مدينة بيرمنجهام

جريمة الزنا بين الشريعة والقانون الوضعى مع سابقة قضائية سودانية فى الوطء بإكاره Empty
مُساهمةموضوع: رد: جريمة الزنا بين الشريعة والقانون الوضعى مع سابقة قضائية سودانية فى الوطء بإكاره   جريمة الزنا بين الشريعة والقانون الوضعى مع سابقة قضائية سودانية فى الوطء بإكاره I_icon_minitimeالسبت 5 مايو - 20:25

ابراهيم عطية بابكر
Senior Member تاريخ التسجيل: Jun 2010
الدولة: مدينة ودمدني
المشاركات: 575



--------------------------------------------------------------------------------

الاخ الكريم بشري مبارك فتح الله عليك وانار قلبك وعقلك لقد سعدت ايما سعادة بالمداخلة والاضافة العلمية الثرة للموضوع واحسب انها كانت شاملة لجريمة الزنا وتناولت اركانها القانونية من عناصر اكتمالها واثباتها ومسقطاتها وعقوبتها *** لك دوما احترامنا ومودتنا
__________________

تعطيل العدالة نكران للعدالة (Delay of justice deny of justice)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mubark59@hotmail.com
بشرى مبارك




عدد المساهمات : 7557
تاريخ التسجيل : 19/02/2009
العمر : 64
الموقع : أقيم فى بيريطانيا مدينة بيرمنجهام

جريمة الزنا بين الشريعة والقانون الوضعى مع سابقة قضائية سودانية فى الوطء بإكاره Empty
مُساهمةموضوع: رد: جريمة الزنا بين الشريعة والقانون الوضعى مع سابقة قضائية سودانية فى الوطء بإكاره   جريمة الزنا بين الشريعة والقانون الوضعى مع سابقة قضائية سودانية فى الوطء بإكاره I_icon_minitimeالخميس 10 مايو - 3:08








تطور جريمة الزنا في القوانين الحديثة


إن الكلام عن تطور وأحكام جريمة الزنا في القوانين الحديثة وبالخصوص في القانون الفرنسي يجعلنا نعود إلى الوراء وبالضبط للقانون الفرنسي القديم الذي أخذ بأحكام هذه الجريمة من القانون الروماني، هذا الأخير الذي شمل على جملة أحكام سميت بالأحكام الإستثنائية، ومؤداها أن المساواة كانت معدومة بين المرأة وزوجها، كما كانت جريمة الزنا لا ترتكب إلا من طرف الزوجة
وفي عهد الجمهورية، حينما كانت سلطة الرجل على زوجته غير محدودة، كان الزنا يحاكم عليه أمام المحكمة المنزلية، ومن ثم كان الزوج هو الحكم المتصرف في أمر زوجته الزانية، ولكن كان عليه قبل أن يقضي بالعقوبة – وكانت العادة النفي - أن يأخذ رأي الأقربين من قرابتها. بعد ذلك أصدر الإمبراطور أغسطس القانون الذي نظم المحاكمة على جريمة الزنا، وبمقتضى هذا القانون كان لزوج الزانية ووالدها دون غيرهما أن يرفعا دعوى الزنا في ظرف الستين يوما التالية للطلاق. وبعد هذا الأجل، تصبح الدعوى عامة، لكل فرد من الأهالي أن يرفعها.
وكان عقاب الزوجة وشريكها السجن في منزل منعزل، ثم استبدل الإمبراطور قسطنطين عقوبة السجن بعقوبة الإعدام مع حصر حق الاتهام في أقارب الزوجة الأقربين.
وأخيرا قرر جوس تينيان أنه ليس للزوج أن يطلق زوجته إلا إذا أقام عليها دعوى زنا وحكم عليها بالعقوبة، وقد إستبقى عقوبة الإعدام بالنسبة للشريك وخففها بالنسبة للزوجة، إذ أمر بأن تضرب بالسياط وبعد ذلك تسجن في أحد الأديرة على أن يكون لزوجها حق أخذها منه في ظرف سنتين من تاريخ السجن، فإذا لم يستعمل الزوج حقه في العفو عن زوجته، وجب عليها الحجاب وذلك بعد أن يؤمر بحلق رأسها ووضع النقاب على وجهها طول حياتهاأما قانون العقوبات الفرنسي الصادر في 1791، فإنه لم ينص على جريمة الزنا. ولكن القانون المدني الصادر في 1804 فقد نص على أن للزوج أن يطلب الطلاق أو الفرقة بسبب زنا زوجته. وفي حالة قبول الطلب يحكم على الزوجة في ذات الحكم القاضي بالطلاق أو الفرقة، وبناء على طلب النيابة العامة، بالحبس من 2 إلى 3 سنوات، وللزوج أن يوقف تنفيذ هذا الحكم بقبول معاشرة زوجته على أن القانون ما كان يعاقب سوى الزوجة.
أما الزوج فلم يكن هناك نص يعاقبه ولو زنى في منزل الزوجية، وكل ما خوله القانون للزوجة من حقوق هو أن لها في هذه الحالة طلب الطلاق أو الفرقة من زوجها.
وفي سنة 1810، صدر قانون العقوبات، ووضع جريمة إنتهاك حرمة الزوجية في عداد جرائم التهجم على الآداب، وما كان ليغرب على بال المشرع تلك النتائج الخطيرة التي تترتب على ترك مثل هذه الجريمة المنكرة دون حد أو تعزير، فعمد إلى تجريمها تجريما جنائيا .

وتبعا لذلك فإن أساس تجريم الزنا في القوانين الحديثة هو قانون العقوبات لسنة 1810 الذي نص على عقاب الزوج كما نص على عقاب الزوجة الزانية وشريكها، كما أنه أول من خول للزوجة حق شكوى زوجها الزاني. غير أن مبدأ عدم المساواة بين الجنسين لا يزال له أثره سواء من ناحية أركان الجريمة أومن ناحية مقدار العقوبة، والحال كذلك بالنسبة لحق العفو أو عذر الزوج إذا ما فاجأ زوجته متلبسة بجريمة الزنا وقتلها. فلا تتوفر الجريمة في حق الزوج إلا إذا زنى غير مرة في منزل الزوجية بامرأة تكون قد أعدها لذلك. أما الزوجة فيثبت زناها وتجب العقوبة إذا زنت ولو مرة واحدة وفي أي مكان .
وما يجب ملاحظته، هو أنه بالرغم من صدور قانون 1810، فقد ظلت نصوص القانون المدني الخاصة بجريمة الزنا محتفظة بقوتها. حتى لقد كانت توجد هناك محكمتان مختصتان بمحاكمة الزوجة الزانية إلى أن صدر قانون الطلاق في :27/07/1884 وأوقف هذا التناقض بإبطاله المواد :298 – 308- 309 من القانون المدني الفرنسي
كما تجدر الإشارة أيضا إلى انه قبل إصلاح سنة 1975 حول الطلاق ، فإن جريمة الزنا التي كانت تشكل جنحة، لم تكن متابعتها ممكنة إلا بناء على شكوى من الزوج . كما كان زنا الزوجة يستوجب عقوبة السجن ولشريكها، في حين أن زنا الزوج لم يكن يعاقب عليه إلا إذا إرتكبت الجريمة في بيت الزوجية ولم تكن العقوبة إلا الغرامة دون المساس بالشريك . وأمام عدم المساواة بين الزوج والزوجة إزاء هذه الجريمة، فقد صدر قانون في 11/7/1975 الذي قرر عدم إعتبار جريمة الزنا جريمة جنائية ولا سبب من أسباب الطلاق(
أما باقي القوانين الغربية، فتكاد تكون مجمعة على تجريم الزنا تجريما إجتماعيا، ماعدا القانون الإنجليزي الذي إعتبر الزنا جريمة مدنية والزوج الذي يرغب في الطلاق بسبب هذه الجريمة يجب عليه أن يطلب في نفس الوقت محاكمة الشريك، والمحكمة تقضي له في هذه الحالة بتعويض مالي. وعلى نفس المنوال سار قانون العقوبات المعروف بقانون جونيفا وهو الفريد من القوانين السويسرية الذي لايعرف التجريم الجنائي للزنا. وما عدا ذلك فأغلب التشريعات الأوربية تعاقب على جريمة الزنا بعقوبة الحبس لمدة ستة أشهر إلى سنتين كقانون عقوبات النمسا في المادة 502 وقانون عقوبات بلجيكا في المواد :387 إلى 390 وقانون عقوبات إيطاليا في المواد:353 – 354 وقانون ألمانيا في المادة 192 وقانون المجر في المادة 246.

(( منقول ))
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mubark59@hotmail.com
بشرى مبارك




عدد المساهمات : 7557
تاريخ التسجيل : 19/02/2009
العمر : 64
الموقع : أقيم فى بيريطانيا مدينة بيرمنجهام

جريمة الزنا بين الشريعة والقانون الوضعى مع سابقة قضائية سودانية فى الوطء بإكاره Empty
مُساهمةموضوع: رد: جريمة الزنا بين الشريعة والقانون الوضعى مع سابقة قضائية سودانية فى الوطء بإكاره   جريمة الزنا بين الشريعة والقانون الوضعى مع سابقة قضائية سودانية فى الوطء بإكاره I_icon_minitimeالخميس 10 مايو - 20:24


يقول الدكتور عماد الشربيني في كتابه المذكور ما نصه:



المبحث الخامس
في بيان السنة لعقوبة الزاني الواردة في القرآن الكريم
ودفع الشبهات

تمهيد:

جاءت أحكام الشريعة الغراء لحفظ مصالح الناس الدينية والدنيوية ، وتضم تلك المصالح حفظ الدين والنفس ، والمال ، والنسل ، والعقل ، وقد سماها الفقهاء والأصوليون بالضروريات أو الكليات الخمس( ) .

وقد شرع الإسلام لكل واحد من هذه الضروريات الخمس أحكاماً تكفل إيجاده وإقامته ، وأحكاماً تكفل حفظه وصيانته .فكل حكم يكفل إقامة هذه الأمور الخمسة أو حفظها هو حكم ضروري ( 2 ) .

الحدود في الإسلام لحماية المجتمع , وهي حق لله تعالي :
والحدود في الإسلام أحكاماً ضرورية شرعت لحفظ هذه الضروريات ، ومع أنها شرعت لحماية المجتمع ، إلا أن العلماء من الأصوليين وغيرهم اعتبروها حق لله تعالي .

ومعني هذا الاصطلاح أنها شرعت لحماية الجماعة ولكنهم يجعلون العقوبة حقاً لله تعالي إشارة إلي عدم جواز العفو عنها ، أو تخفيفها ، أو إيقاف تنفيذها لا من الأفراد أو من الجماعة ( 3 ) .000...

وهذا يجعل البشرية من شأنها أن تعيش في طهر ديني ، وفي فضيلة سائدة ، فإن الفضيلة كما هي حماية للمجتمع من جراثيم الانحلال التي تحل عراه ، فإنها كذلك أمر مصون تجب المحافظة عليه ، وتشريع العقاب لكل من هتك حماها .



ورغم أن هذه الحدود الكبرى قليلة العدد ، إلا أنها كثيرة الوقوع ، وهذا ما غفل عنه البعض في عدم اعتبار القرآن كتاب محكم ، لأنه لم يذكر إلا بضع جرائم ، في حين أن قانون العقوبات الذي صاغه البشر احتوي على ما يزيد على مائتي جريمة .

ونقول لهؤلاء إن القرآن وإن تعرض لقليل من الجرائم ، فإن هذه الجرائم تقع بنسبة ثمانين في المائة فالعبرة إذا ليست بتعداد الجرائم ، وإنما بكثرة وقوعها وخطورتها على المجتمع .

وكل جماعة إنسانية تشترك لا محالة في أمور لا بد منها كي تعيش في حياة كريمة يسودها النظام والاستقرار ، وهذه الأمور أربعة :
( 1 ) الأســـــرة ( 2 ) الملكيــــــــة
( 3 ) النظام الاجتماعي ( 4 ) الحكـــــــم

وهذه الأمور الأربعة تحرص الجماعات البشرية عليها ، حرصاً يكاد أن يكون فطرياً ، وتثور وتغضب من أجلها ، وربما تضحي بنفسها عندما تقع اعتداء على واحد منها , وللحفاظ على هذه الأمور شرعت الحدود ـ فحد الزنا حماية للأسرة ، وحد السرقة للنظام الاجتماعي ، وحد البغي حماية للحكم.

وترجع باقي الحدود للحفاظ على هذه الأمور ـ فحد القذف حفاظ على الفرد الذي هو من صميم الأسرة والمجتمع ، وحد الشرب كذلك حفاظ على الفرد ، وعلى النظام الإجتماعي ، وحد الردة حفاظ النظام العام الذي هو الدين .

مميزات الحدود في الإسلام :
تمتاز الحدود الشرعية في الإسلام بما يلي : ـ
1- أنها لا قسوة فيها على ما يزعم أعداء الإسلام من المستشرقين ومن تابعهم من أدعياء العلم من أمتنا الإسلامية ، بل هي رحمة للجاني وللجني عليه ، لأن عقوبات الحدود الغرض منها تأديب الجاني وزجر غيره ، ولا تهتم بالنظر لشخصية المجرم ـ فجريمته أخطر من أن يلتمس لصاحبها عذر أو ظروف محيطة به .
فمتي ثبتت بشروطها المحدودة , وتوافرت أركانها ، فقد أغنت عن النظر لما ورائها .

وعلى أنه يجب التنبيه إلى أن الإسلام وضع في الحدود قاعدة مهمة وهي ( درئها بالشبهات ) ففي الحديث (( ادرؤوا الحدود بالشبهات ، وادفعوا القتل عن المسلمين ما استطعتم )) ( 1 ) .

وفي رواية (( ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم ، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله ؛ فإن الإمام إن يخطئ في العفو ، خير من أن يخطئ في العقوبة )) ( 2 ) 0

وهذا الحديث وإن لم يصح مرفوعاً ، وفيه المقال المعروف ، إلا أن الفقهاء اتفقوا على العمل به ، إلا الظاهريين ، إذ لا يسلمون بصحة ما روي عن الرسول والصحابة .

والصحيح صحة وقف الحديث عن جماعة من الصحابة y، ومنهم عمر بن الخطاب t قال :
(( لأن أخطئ في الحدود بالشبهات ، أحب إليَّ من أقيمها بالشبهات )) ( 3 ) .

ويؤيد صحة هذه القاعدة ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم لماعز لما جاء معترفَََاَ بالزنا ، وسيأتي الحديث وتخريجه قريباً .

والشبهات عديدة موضوعها كتب الفقه ( 4 ) ، ومن تتبعها أدرك كأن عقوباتالحدود شرعت للتخويف أكثر مما شرعت لأن توقع ! .

(( فمثلاً : عقوبة الزنا { الرجم } نجدها صعبة التنفيذ ، لأن المجيء بأربعة شهداء يرون وقوعها يكاد
يستحيل ، إلا إذا كان المجرمان في طريق عام ، عاريين مفضوحين لا يباليان بأحد وعندما يتحول




امرؤ إلي حيوان متجرد على هذا النحو الخسيس ، فلا مكان للدفاع عنه أو احترام إنسانيته )) ( 1 )

وكفي بقاعدة (( درء الحدود بالشبهات )) رداً على زعم أعداء الإسلام أن شريعة الإسلام متعطشة لتعذيب الناس 0

2- إن الحدود في الإسلام وضعت على أساس محاربة الدوافع النفسية في داخل مرتكبها بحيث تقلع
جذور الجريمة من ذهنه ، لأنها وضعت على أساس متين من علم النفس ( 2 ) لأن واضعها هو
القائل : } ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه { ( 3 ) 0
وقوله سبحانه } : ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير{ ( 4 ) .

وكأن الله تعالي يقول لنا : أنا خالق هذا الإنسان ، وأنا أعلم بما يصلحه ويردعه ، ففرضت هذه
الحدود التي لا مجال للرأي ي فيها .

فكم كان يتهور البشر ويضعون للسرقة عقوبة القتل ، وكم انحل البشر فأباحوا الزنا بالرضا ، وعدوا شرب الخمر مخالفة .

وهكذا تضاربت أهوائهم ، وسيطرت على عقولهم وشهواتهم قال تعالي : }ومن أضل مما اتبع هواه بغير هدي من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين { ( 5 ) ،

والحدود كما وردت في القرآن الكريم ، وردت في السنة النبوية ، والسيرة العطرة تأكيداً وبياناًُ لها بالقول والعمل .
مما لا يدع مجالاً للشك في أن الإسلام قرآن وسنة قانوناً قد عمل به ، ونجحت أصوله الإدارية ، والسياسية ، والمدنية ، والأخلاقية ................ إلـــــــخ 0
وليس هو مجرد نظريات محتاجة للإثبات بالتجربة والتطبيق .

وإليك نماذج من تلك الحدود كما وردت في القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، وسوف أقتصر على تفصيل حدي الزنا والردة حيث أنهما من أكثر الحدود إنكاراً من أعداء السنة النبوية ، والسيرة العطرة.


أولاَ : حد الزنــا :
أ – التعريف به : هو حد الجناية على الفرج ، وهو حد حاربته الشرائع السماوية كافة وحرمت الوسائل المؤدية إليه تحريماً قاطعاً باتاً ، وشددت العقوبة على مرتكبيه .
قال تعالي : } ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً { (1 )

والنهي عن قربان الزنا أبلغ من مجرد فعله ، وهو نهي يشمل كل مقدماته ، ودواعيه ووسائله الموصلة إليه ، وهي في عالم اليوم أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر !

قال تعالي في عقوبة الزاني في الآخرة :} والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر و لا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلقي أثاماَ يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناَ { ( 2 ) .

وإذا كانت عقوبته في الآخرة مضاعفة ، فهي في الدنيا مضاعفة أيضاً قال تعالي :} والزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين { ( 3 ) .

حكمة الجلد للزاني :
وعقوبة الجلد هنا في الآية الكريمة على ما فصلته السنة النبوية ، هي لمن زنا وهو غير محصن ، وهي عقوبة تتجلى فيها حكمة الخالق عز وجل .


لأنه إذا كان الباعث على الزنا هو اللذة وإشباعها ، كان الصارف لهذا الباعث في تشريع القرآن العادل إنما هو الألم الحسي بالجلد ، والألم المعنوي بمشاهدته وهو يجلد , ليشعر المذنب أنه لا قيمة للذة يعقبها ذلك الألم الشديد الحسي والمعنوي .

ومن المعلوم أن في الإنسان غريزتين :
غريزة حافزة دافعة ، وغريزة مانعة كافة والغلبة لأقواهما سلطاناً لذا فقد عني الشارع الحكيم بتقوية سلطان المانع بما شرعه من عقوبة حاسمة لو تصورها الإنسان على حقيقتها لانكمش الدافع للجريمة المعاقب عليها بتلك العقوبة ( 1) 0

ب –بيان السنة لحد الزنا :
جاءت السنة النبوية مؤكدة ومبينة لما جاء في القرآن الكريم من حد الزنا فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن جلد الزاني في الآية الكريمة إنما هو لمن زنا وهو غير متزوج ، ويضاعف على عذابه بالجلد , نفيه سنة , كما بين النبي صلى الله عليه وسلم حد من زنا وهو متزوج , بأنه ضعف غير المتزوج بالرجم .

وما يزعمه أعداء السنة النبوية من مخالفة البيان النبوي في حد الزاني للقرآن الكريم زعم لا أساس له من الصحة ، فذلك البيان النبوي صح متواتراً في سنته المطهرة وسيرته العطرة .
وهو بيان إلهي لقوله تعالي : }إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله { ( 2 ) 0 وقوله عز وجل : } فإذا قرأناه فاتبع قرءانه ثم إن علينا بيانه { ( 3 ) 0
وهذا البيان الإلهي واجب على النبي صلى الله عليه وسلم تبليغه ، كما أنه واجب على الأمة إتباعه لقوله تعالي : ] وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه { (4 ) 0

وقوله سبحانه : } فلا وربك ليؤمنون حتى يحكٍّموكً فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما { ( 5 ) .

وعلى ما سبق فهذا البيان النبوي هو حكم الله سبحانة وتعالى في كتابه العزيز لقوله صلى الله عليه وسلم لوالد الزاني لامرأة الرجل الذي صالحه على الغنم والخادم : والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله ، الوليدة
والغنم رد . وعلى ابنك الجلد مائة ، وتغريب عام ، واغد يا أنيس ! ( 1 ) إلي امرأة هذا 0 فإن اعترفت فارجمها )) قال : فغدا عليها ، فاعترفت ن فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجمت ( 2 ) 0

قال الحافظ بن حجر ( 3 ) : المراد بكتاب الله ما حكم به ، وكتب على عباده وقيل المراد القـرآن وهو المتبادر .

قال أبو دقيق العيد ( 4 ) : الأول أولي ، لأن الرجم والتغريب ليسا مذكورين في القرآن إلا بواسطة أمر الله باتباع رسوله 0

قيـل : وفيما قال نظـر ؛ لاحتـمال أن يكون المـراد متضـمناً قوله تعالي :} أو يجعل الله لهـن
سبيـلاً { .. ..
فبين النبي صلى الله عليه وسلم : أن السبيـل جـلد البكـر ونفيـه , ورجـم الثيـب (5 ) .

قال بن حجر : وهذا أيضاً بواسطة التبيين ، ويحتمل أن يراد بكتاب الله الآية التي نسخت تلاوتها وهي : (( الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم )) (1 ) .

وهذه الآية المنسوخة تلاوة ، الباقية حكماً هي التي قال فيها عمر بن الخطاب وهو جالس على منبر رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم : (( إن الله قد بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب ، فكان مما أنزل عليه آية الرجم ، قرأناها ، ووعيناها ، وعقلناها ، فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده ، فأخشى أن طال بالناس زمان ، أن يقول قائل : ما نجد الرجم في كتاب الله ، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله ، وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنا إذا أحصن ؛ من الرجال والنساء إذا قامت البينة ، أو كان الحَبَلْ، أو الإعتراف )) ( 2 ) 0

تواتر حد الرجم :
وفي إعلان عمر بالرجم ، وهو على المنبر ، وسكوت الصحابة وغيرهم من الحاضرين عن مخالفته بالإنكار ، دليل على ثبوت الرجم وتواتره ( 3) 0

فرق قديمة أنكرت الرجم :
وما خشيه عمر t قد وقع ، فانكر الرجم طائفة من الخوارج أو معظمهم ، وبعض المعتزلة ، ويحتمل أن يكون استند في ذلك إلي توفيق ( 4 ) 0

ويؤيده رواية أحمد عن ابن عباس قال : خطب عمر بن الخطاب ، فحمد الله ، وأثني عليه فقال (( ألا وإنه سيكون من بعدكم قوم يكذبون بالرجم ، وبالدجال ، وبالشفاعة ، وبعذاب القبر ، وبقوم يخرجون من النار بعدما امتحشوا ))(5 ) 0

الرد علي دعوي مخالفة السنة للقرآن في حد الزنا :

يقول الإمام الشاطبي (1) : رداَ على دعوى مخالفة الرجم والتغريب للقرآن الكريم ، قال : (( هذا اتباع للمتشابه ، لأن الكتاب في كلام العرب ، وفي الشرع يتصرف على وجوه منها الحكم ، والفرض
في قوله تعالي : } كتاب الله عليكم { ( 2) وقال تعالي : } كتب عليكم الصيام {( 3 ) وقال سبحانه: } وقالوا ربنا لما كتبت علينا القتال {( 4 ) .
فكان المعني : لأقضين بينكما بكتاب الله ، أي بحكم الله الذي شرع لنا ، ولا يلزم أن يوجد هذا الحكم في القرآن ، كما أن الكتاب يطلق على القرآن ، فتخصيصهم الكتاب بأحد المحامل من غير دليل إتباع لما تشابه من الأدلة )) ( 5 ) 0

ثم قال الإمام الشاطبي : (( وقوله من زعم ( 6 ) أن قوله تعالي في الإماء : } فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب { (7 ) .لا يعقل على ما جاء في الحديث أن النبي r رجم ، ورجمت الأئمة بعده ( 8 ) 0

لأنه يقتضي أن الرجم ينتصف ، وهذا غير معقول ، فكيف يكون نصفه على الإماء ؟
هذا ذهاباً منهم إلي أن المحصنات هن ذوات الأزواج ، وليس كذلك بل المحصنات هنا المراد بهن الحرائر ، بدليل قوله تعالي : گ} ومن لم يستطع منكم طولاًُ أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات { (1 ) 0
وليس المراد هنا إلا الحرائر ؛ لأن ذوات الأزواج لا تنكح (2 ) .

وتأكيداً على أن حد الأمة نصف حد الحرة (( بالجلد دون الرجم )) سواء كانت محصنة بالتزويج أم !
جاء التقييد في الآية الكريمة في حق الإماء } فإذا أحصن { قال تعالي :} فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب { ( 3 ) .
أي على الإماء وإن كن محصنات بالتزويج ، وجوب نصف حد المحصنات (( وهن الحرائر غير المتزوجات )) كما قال الإمام الشاطبي.
فلئلا يتوهم أن الأمة المزوجة ترجم جاء التقييد في الآية الكريمة .

وقد أجمع العلماء على أنها لا ترجم ( ) وهذا الإجماع قائم على الآية السابقة ، وما ورد في صحيح السنة النبوية الشريفة في تأكيدها وبيانها ، من أحاديث مطلقه في حكم الأمة إذا زنت بالجلد 0

فعن أبي هريرة رضى الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (( إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها ، فيجلدها الحد . ولا يثرب عليها . ثم إن زنت ، فليجلدها الحد ، ولا يثرب عليها . ثم إن زنت الثالثة، فتبين زناها فليبعها ولو بحبل من شعر )) ( 5 ) .

قلت : إن الرجم والنفي في البيان النبوي يوافق القرآن الكريم فيما ذكره من مضاعفة العذاب ؛ قال تعالي : }... ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثامًا يضاعف له العذاب يوم القيامة{ ( 6 ) ) فكان الرجم عقاب مضاعف ، وأشد لمن زنا وهو متزوج ، مقارنة بمن زني وهو غير متزوج ، حيث أخف عقوبة بجلده ، ومضاعفته بنفيه عام .

وتبدو حكمة التغريب للزاني غير المحصن في أنه " تمهيد لنسيان جريمته ، وإبعاد له عن المضايقات التي قد يتعرض لها ، فهي عقوبة لصالحه أولاً ، ولصالح الجماعة ثانياً .

والمشاهد حتى في عصرنا الحالي الذي إنعدم فيه الحياء ، أن كثيريين ممن تصيبهم معرة الزنا يهجرون موطن الجريمة مختارين لينأوا بأنفسهم عن الذلة والمهانة التي تصيبهم في هذا المكان (1) .

الرجم من كرهه نظرياَ فسوف يرضي به عملياَ اللهم إلا أن يكون 000 !

وكذلك الرجم : يستهدف إصلاح المجتمع ، وقد استفظعه قوم يرضون به لو كان الزاني قد زنا بمن هي من أهله . فهو وإن كرهه نظرياً ، فسوف يرضي به عملياً ، اللهم إلا أن يكون ديوساً لا غِيرةَ له على أهله ، وإباحياً لا دين له ، ومثل هذا لا وزن له عند العقلاء !

وفيما نشاهده أن الناس الأحرار يأبون أي شئ إلا القتل عقوبة للزاني في طرق ملتوية ، وكثيراً ما تكون وسائلها المكر والخديعة والخيانة أو دس السم وغير ذلك ، دون أن يفرقوا في حالة الزاني متزوج أم غير متزوج !

فإذا أراح القـرآن الكريـم الناس ، وأمر برجم الزاني المحصن فقد رحـم الناس من حيث يشعرون أو لا يشعرون (2) 0 ) .

الرجم هو القتل لا غير , وقوانين العالم كله تبيحه :
وأخيراً : فإن الرجم هو القتل لا غير، وإن قوانين العالم كله تبيح القتل عقوبة لبعض الجرائم ، ولا فرق بين من يقتل شنقاً ، أو ضرباً بالرصاص ، أو رجماً بالحجارة ، فكل هؤلاء يقتل ، ولكن وسائل القتل هي التي فيها الإختلاف .
ثم إن التفكير في الرجم بالحجارة لا يتفق مع طبيعة العقاب ، فالموت إذا تجرد من الألم والعذاب كان من أتفه العقوبات ، فالناس لا يخافون الموت في ذاته ، وإنما يخافون العذاب الذي يصحب الموت .

وقد بلغت آية الزنا الغاية في إبراز هذا المعني حيث جاء فيه } وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين { ( 1 ) .

جـ - الرجم من أقدم العقوبات التي عرفتها البشرية :
لو رجعنا إلي القرآن الكريم لوجدنا أنه يثبت بأن الرجم من أقدم العقوبات التي عرفتها
البشرية .
1- وأول ما يمكن التوقف عنده قصة سيدنا نوح عليه السلام الذي يمكن أن يعد الأب الثاني للبشرية بعد آدم عليه السلام وفي قصته التي يذكر فيها القرآن الكريم جانبَا منها تأتي كلمة (( الرجم )) في قوله تعالي } قاالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين { ( 1 ) ومما ينبغي أن نلحظه في قوله تعالي ( من المرجومين ) أن حرف الجر (( من )) للتبعيض أي من بعض المرجومين . وفي ذلك دلالة دلالة واضحة على أن قومه كانوا يمارسون رجم من يخالفهم ، وأن الرجم عادة اتخذها قومه في العقوبات .
2- وفي قصة سيدنا لإبراهيم عليه السلام ، وفي حواره مع أبيه قال له أبوه } قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك { ( 2 ) .
3- وفي قصة سيدنا موسى u تستوقفنا الآية الكريمة } وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون { ( 3 ) أي تقتلوني رجماً ( 4 ) .
4- وفي قصة سيدنا شعيب عليه السلام ، وفي دعوته مع قومه وحواره معهم قالوا له } ولولا رهطك لرجمناك { ( 5 ) أي لقتلناك بالرجم وهو شر قتله ( 6 ) . ..
5- وهذا ما نجده مع رسل سيدنا عيسي عليه السلام الثلاثة الذين بعث بهم إلي القرية ( إنطاكية )(1 ) لهداية أهلها ، ولكنهم رفضوا الهداية ، وهددوهم بالقتل ، قال تعالي على لسانهم : } لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم { ( 2 ) .

6- وفي قصة أهل الكهف التي قيل إن أحداثها جرت بعد الميلاد ، وردت كلمة الرجم في قوله تعالي: } إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبـــــدَا {( 3 ) .

من كل ما تقدم يمكن استخلاص أن عقوبة الرجم بالحجارة عرفتها البشرية منذ أقدم العصور ، وقد ترسخت عند كثير من الشعوب القديمة على اختلاف أزمانها ، وأماكنها ، وارتضتها ضمن تشريعاتها وقوانينها .

الرجم عقوبة ثابتة في الشريعة اليهودية والنصرانية :
كما أن هناك استخلاصاً مهماً في كل ما سبق وهو أن الرجم عقوبة ثابتة في حق الزناة في الشريعة اليهودية والمسيحية .
يدل على ما روي في الصحيح عن البراء بن عازب رضى الله عنه) قال : ُمرَّ على رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم بيهوديِّ مُحَمَّمًا ( 5 ) مجلوداً . فدعاهم صلى الله عليه وسلم فقال ( هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم ؟ ) قالوا نعم ، فدعا رجلاً من علمائهم . فقال (( أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى ! أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم ؟ )) قال : لا . ولولا أنك نشدتي بهذا لم أخبرك . نجده الرجم . ولكنه كثر في أشرافنا . فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه . وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد . قلنا تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع . فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( اللهم ! إني أولُ من أحيا أمرك إذا أماتوه )) .

فأمر به فرجم . فأنزل الله عز وجل : }يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرون يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تأتوه فاحذروا ....{ ( 1) .
يقولُ : ائتوا محمداً صلى الله عليه وسلم . فإن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه . وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا .
فأنزل الله تعالي : } ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون { ( 2 )
} ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون { (3 )
} ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون { ( 4 ) في الكفار كلها (5 ) .

من كفر بالرجم فقد كفر بالقرآن :
وعن ابن عباس رضى الله عنه قال : (( من كفر بالرجم فقد كفر بالقرآن من حيث لا يحتسب ، قال تعالي : }يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب {(6) .
فكان الرجم مما أخفوا )) (7 ) .

شبهة أعداء السنة حول آية الرجم المنسوخة تلاوة , والجواب عنها :
ويبقي ما أورده البعض من خصوم السنة النبوية حول الآية المنسوخة التلاوة ، الباقية الحكم (( الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم))(Cool .
أنكروا حكم الآية لاختلاف نظمها مع نظم القرآن الكريم وروعته (9) .

وهذا الإنكار مردود عليهم بالقرآن الكريم في قوله تعالي : } ما ننسخ من آية أو ننسها نأتي بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير { (1) .
والمنسوخ تلاوة في الآية التي أنكروا حكمها لا يحتمل إلا (( إنساؤُه وهو حذف ذكرها عن القلوب بقوة إلهية )) (2) .
والمراد أن نص الآية المنسية يزول من الوجود ، ولا يبقي في الذهن منها إلا آثار ، وإنساء النص الذي يدل على الحكم لا يستلزم نسيان الحكم كما هو معلوم 00
فإذا طبق الرسول r الحكم بعد ذلك دل على أن الحكم باق غير منسوخ .

والحكمة من رفع التلاوة مع بقاء الحكم (( ليظهر بذلك مقدار طاعة هذه الأمة في المسارعة إلي بذل النفوس بطريق الظن ، من غير استفصال لطلب طريق مقطوع به ، فيسرعون بأيسر شئ ، كما سارع الخليل بذبح ولده بمنام ، والمنام أدني طريق الوحي ، وأمثلة هذا الضرب كثيرة )) ( 3 ) 0

زد على ما سبق أن الأمر في القرآن وأحكامه إلي الله عز وجل ينسخ ما يشاء مع بقاء النص الذي يستند إليه ، ويبقي ما يشاء مع نسخ أو إنساء النص الذي كان دليلا عليه .
فعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال : أنزل الله عز وجل في الذين قتلوا ببئر معونة ( 4 ) قرآناً قرأناه حتى نسخ بعد : ( أن بلغ قومنا أن قد لقينا ربنا فرضي عنا ، ورضينا عنه )( 5 ) .
وعن أبي موسى الأشعري رضى الله عنه قال : (( وإنا كنا نقرأ سورة . كنا نشبهها في الطول والشدة ببراءة . فأنسيتها غير أني قد حفظت منها : لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغي وادياً ثالثاً . ولا يملأ جوف بن آدم إلا التراب . وكنا نقرأ سورة نشبهها بإحدى المسبحات فأنسيتها . غير أني حفظت منها : يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون . فكتبت شهادة في أعناقكم . فتسألون عنها يوم القيامة )) (1) .
فهذه الروايات المعتمدة وغيرها ، تؤكد ما قلناه : وهو أن ما نسخت تلاوته أُنسِيَ فلم يبقي منه إلا ذكريات .
فمن قارن بينه وبين القرآن ، قارن بين ما هو غير موجود ، وما هو موجود .
ومن أنكره أنكر ما أثبتت الروايات وقوعه ، وكابر في التاريخ الثابت الموجود !
ومن اعتبر ما بقي منه قرأناً بنصه خالف القرآن بنسخه وإنسائه ، وأتي بما ليس بقرآن موجود ، مدعياً أنه قرآن !

وعلى ما ذكرناه تحمل كل الروايات في هذا المجال .. فإذا قال الصحابي ، قرأنا كذا ، أو توفي الرسول صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن ، أو قال كنا نقرأ كذا فحفظت منه كذا ، أو قال : فلا أدري من القرآن هو أم لا .

كل ذلك محمول في قرآن نسي أو نسخ ، ولم يبقي منه إلا بعض المعاني أو بعض الذكريات عبر عنها الصحابي بأسلوبه أو بالمعني ، والرواية بالمعني ليست من القرآن الكريم !

والدليل على ذلك : أن القرآن المجموع حفظاً وكتابةً في عهد النبي r ثم في عهد أبي بكر ، ثم في عهد عثمان بن عفان ، لم يختلف فيه حرف عن حرف أو كلمة عن كلمة ، ولا يوجد فيه شئ مما ذكر الصحابة أنه مما كان من القرآن .

ومما يدل على ذلك أنه ما بقي من آثار القرآن المنسوخ لم يشتهر بين الصحابة ، بل حكي كل واحد ما بقي من ذهنه مما كان ...........

وما دام النص المنسوخ قد أُنسِيَ ، أو ليس موجوداً ، فمجال البحث والدراسة والتفسير والتأويل بالنسبة إليه غير ذي موضوع .


لكن المهم هنا أن كل ما ذكرناه يؤكد أن الآية في قوله تعلي : } ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها { ( 1 ) يراد بها الآية من القرآن التي تنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم ، وتنسخ تلاوتها ، أو تُنسَي من القرآن ، وهو ما تؤكده الروايات الواردة في ذلك ، ومنها آية (( الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما )) (2) .
الحكمة من كراهة النبي صلى الله عليه وسلم كتابة آية الرجم المنسوخة تلاوة :
وهذا الذي قلناه يفسر لنا لماذا كره النبي صلى الله عليه وسلم كتابة آية الرجم السابقة .
إذ كيف يسمح صلى الله عليه وسلم بكتابة شئ منسوخ تلاوة بجوار القرآن الكريم ، وقد نهي صلى الله عليه وسلم عن كتابة أي شئ بجوار كلام الله عز وجل ( 3 ) في صحيفة واحدة لئلا يلتبس على من بعده , هل هو من القرآن أم لا ! ( 4 ) .

وليس أدل على ذلك في مسألتنا هذه من قول الصحابي الجليل بن عباس رضى الله عنه بعدما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( لو أن لابن آدم ملء واد مالاً لأحب أن له إليه مثله ؛ ولا يملأ عين بن آدم إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب ))
قال : ابن عباس فلا أدري أهو من القرآن أم لا ! ( 4 ) .

فخشية هذا الإلتباس تحمل كراهته صلى الله عليه وسلم كتابة آية الرجم ، ولو كانت آية الرجم بنص تلاوتها ، كما أنزلت أولاً ، ولم تُنْسَيَ ، ولو كان صلى الله عليه وسلم مأموراً بكتابتها، لأمر بكتابتها شأنها شأن آيات الحدود الأخرى .

ومنها ما هو أفظع وأشد من حد الرجم كحد المحاربين الذين يسعون في الأرض فساداً والوارد في قوله تعالي : } إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلافٍ أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم {( 5 ) .

الجواب عن إشكال كراهة النبي r كتابة آية الرجم , وهم عمر رضى الله عنه بكتابتها :
وكراهية النبي صلى الله عليه وسلم كتابة آية الرجم لا يشكل مع قول عمر بن الخطاب رضى الله عنه(( إياكم أن تَهْلِكُوا عن آية الرجم ! لا يقول قائل لا نجد حديث في كتاب الله فقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورجم أبو بكر ورجمت ، فوالذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها (( الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة )) فإنا قد قرأناه ( 1 ) .

فليس الظاهر من كلام عمر مراداً ، وأن كتابة آية الرجم جائز ، وأن المانع له من ذلك قول الناس ! كلا !
بل مراده المبالغة والحث على العمل بالرجم ~ إذ لا يسع مثل عمر مع مزيد فقهه تجويز كتابتها مع نسخ لفظها ( 2 ) .
ويؤيد هذا المراد رواية الترمذي عن عمر قال رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورجم أبو بكر ، ورجمت ، ولولا أني أكره أن أزيد في كتاب الله تعالي ، لكتبته في المصحف ، فإني خشيت أن تجئ أقوامٌ فلا يجدونه في كتاب الله تعالي ، فيكفرون به )) ( 3 ) .

ويؤكد ما سبق من علة كراهة كتابة آية الرجم ، التباس آخر لو كتبت في المصحف , وهو أن العمل بها على غير الظاهر من عمومها ( 4 ) .
كما جاء في رواية عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال : لما أنزلت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : أكتبها ؟! فكأنه كره ذلك ، فقال عمر : ألا تري أن الشيخ إذا لم يحصن جلد ، وأن الشاب إذا زني وقد أحص)) ( 5 )


الجواب عمن أنكر آية الرجم تلاوة وحكماَ :
أما زعم البعض أن الآية ( تلاوة وحكماً ) لم تكن في القرآن ! ولو كانت لطبق الحد على كثيرين من الصحابة، اعتماداً على أن عمر بن الخطاب خطب الناس فقال (( لا تشكوا في الرجم ، فإنه حق ولقد هممت أن أكتبه في المصحف ، فسألت أُبَّيّ بن كعب فقال : أليس أتيتني وأنا أستقرئها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدفعت في صدري ، وقلت : تستقرئه آية الرجم وهم يتسافدون تسافد الحمر )) ( 1 ) 0

يقول أحدهم : وهو ما يعني في حال تدوين الآية ، وتطبيق الحد ، وقوع الرجم على أعداد غفيرة من المسلمين زمن الدعوة . ( 2 )
مما يحمل تشكيكاً في ثبوت الحد ، وتشكيكاً في الوقت نفسه بمجتمع الصحابة وتوهيناً للثقة فيهم .

فهذا لا حجة فيه للطاعن في حد الرجم ، لأن عدم التدوين في المصحف لا يعني عدم تطبيق الحد ، لما تواتر في السنة العملية من تطبيق حد الرجم من رسول صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه الكرام رضى الله عنهم من بعد .

كما أنه ليس في كلام عمر ، ما يدل على زعم الزاعم أنه في حالة تطبيق الحد يقع على أعداد غفيرة من الصحابة زمن الدعوة !
لأن كلمة عمر ((تستقرئه آية الرجم وهم يتسافدون تسافد الحمر )) لا تعني صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الأطهار ، وإنما تعني غيرهم ممن كان معهم زمن الدعوة من المنافقين ، والمشركين ، واليهود .
ويحتمل أنها تعني من سيأتي فيما بعد من شرار الناس الذين تقوم عليهم الساعة وهم يتهارجون تهارج الحمر . ( 3 )
وهذا من حسن الظن بعمر رضى الله عنه وإلا فهل يظن بمثله أن يطعن في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ !



إن كلمة سيدنا عمر تعني على فرض التسليم بظاهرها أن التهارج فيما بعد سيكون شائعاً وجزاؤه الرجم ، ولكن إن كان هذا التهارج لا بينة عليه بأربعة شهود يرون جريمة الزنا على نحو صريح لا شبهة فيه ، فلا حد حينئذاَ إلا بالإقرار أو الحَبَلْ .
فالمقصود من كلمة عمر درء الحد مهما أمكن ، فالحدود تسقط بالشبهات ، كما سبق من قوله رضى الله عنه(( لأن أخطئ في الحدود بالشبهات ، أَحَبُ إليَّ من أن أقيمها بالشبهات )) ( 1 ) .

وكأن عمر يقول لأُبَّيّ بن كعب : كيف تستقرئه آية الرجم أو كيف نكتبها ، وفي ظاهرها التباس في عمومها ؛ وهو عموم ينافي درء الحد بالشبهة ؟ !
وفي ذلك إشارة إلي : (( التخفيف على الأمة بعدم اشتهار تلاوتها وكتابتها في المصحف وإن كان حكمها باقياً ، لأنه أثقل الأحكام وأغلظ الحدود ، وفيه الإشارة إلي ندب الستر )) ( 2) 0

ثم إن تشكيك خصوم السنة النبوية ، ودعاة التنوير الزائف ، في حجية المصدر الذي أقيم على أساسه حد الرجم ، بناء على هذه الآية المنسوخة تلاوة ، الباقية حكماً .

هذا التشكيك والإنكار لا يفيد في شئ ! 0
لأن الرجم ثابت بالقرآن كما سبق ( 3 ) . وثابت بالسنة القولية , والعملية المتواترة عنه صلى الله عليه وسلم، وعن أصحابه رضى الله عنهم من بعده .
فقد اشتهر وتواتر الرجم عن النبي صلى الله عليه وسلم قولاً وعملاً في قصة ماعز والغامدية واليهوديين ، وعلى ذلك جري الخلفاء بعده ، فبلغ حد التواتر ( 4 ) .


فعن بريدة بن الحصيب الأسلمى ( رضى الله عنه ) أن ماعز بن مالك الأسلمى أتي رسول الله فقال : يا رسول ! إني قد ظلمت نفسي ، وزينت ، وإني أريدك أن تطهرني . فَردَّهُ .فلما كان من الغد أتاه فقال : يا رسول الله إني قد زنيت ؛ فرده الثانية . فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي قومه فقال Sad( أتعلمون بعقله بأساً تنكرون منه شيئاً ؟ فقالوا : ما نعلمه إلاَّ وفيَّ العقل . من صالحينَا فيما نُري . فأتاه الثالثة فأرسل إليهم أيضاً فسأل عنه فأخبروه : أنه لا بأس به ، ولا بعقله , فلما كان الرابعة حُفِرَ له حفرة ثم أمر به فرجم . )) ( 2 ) .

قال : فجاءت الغامدية فقالت : يا رسول الله إني قد زنيت فطهرني . وإنه ردها فلما كان الغد قالت يا رسول الله لم تَرُدَنِي ؟ لعلك أن تردني كما رددت ماعزاً . فو الله إني لحُبْلَي . قال : (( إمَّا لا ، فاذهبي حتى تلدي )) فلما ولدت أتته بالصبي في خرقهِ قالت :هذا قد ولدته . قال : (( اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه )) . فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز . فقالت : هذا يا نبي الله قد فطمته ، وقد أكل الطعام . فدفع الصبي إلي رجل من المسلمين . ثم أمر بها فحفر لها إلي صدرها , وأمر الناس فرجموها . فيقبل خالد بن الوليد بحجر . فرمي رأسها. فتنطح الدم على وجه خالد فسبها . فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبَّه إياها . فقال : (( مهلاً يا خالد ! فوالذي نفسي بيده ، لقد تابت توبة ، لو تابها صاحب مَكْسٍ (3 ) لغفر له )) ثم أمر بها فصلي عليها ودفنت ( 4 ) .


الجواب عمن زعم أن الرجم حكم ثابت بالسنة , ولكنه حكم مؤقت :

بقي الرد على من زعم أن الرجم حكم ثابت بالسنة النبوية ، ولكنه حكم مؤقت !
إذ يقول بعضهم بعد أن أقر بثبوت الرجم في السنة النبوية القولية والعملية المتواترة قال : (( ونحن نقول إنه مع ثبوت وقوع حالات الرجم في عهد الرسول , فإن استقصاء هذه الحالات ينتهي إلى أن من الممكن إيقاف هذه العقوبة دون مخالفة للسنة، ومع هذا فإذا أصر دعاة الرجم على أقوالهم فهناك مخرج يقوم على عدم تأبيد بعض أحكام السنة )) ( 1 ) .

وهذا الزعم مبني على مذهبه (( بأن الرسول والخلفاء الراشدون والصحابة أرادوا عدم تأبيد ما جاءت به السنن من أحكام )) ( 2 ) .

ويجاب عن ذلك : بأن تلك الدعوى لا دليل عليها ، ويبطلها كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرة أصحابه الأطهار من بعده .
فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد عدم تأبيد ما جاءت به السنة النبوية من أحكام :

1- فعلام إذاً يقرنها مع كتاب الله عز وجل مبيناً أن الإعتصام بها عصمة من الضلال في قوله : (( إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدَا كتاب الله ، وسنة نبيه )) (3 ) .

2- وعلام يأمر بتبليغ سنته المطهرة في قوله صلى الله عليه وسلم : (( ألا ليبلغ الشاهد الغائب ، فلعل بعض من أن يبلغه يكون أوعى له من بعض مَن سمعه . )) (4 ) .


3- وعلام يوصي بالتمسك بسنته وسنة الخلفاء الراشدين والعض عليه بالنواجذ عند الإختلاف في قوله صلى الله عليه وسلم : (( فإنه من يعش منكم : فسيري اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي ، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ . )) (1 )
4- وعلام التحذير الشديد من الكذب عليه r في قوله : (( إن كذباً عليَّ ليس ككذب على أحد فمن كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار . )) ( 2 ) 0
5- وعلام يحذر ممن يأتيه الأمر مما أمر به أو نهي عنه فيعترض ويقول : (( بيننا وبينكم كتاب الله ، فما وجدنا فيه حلالاً استحللناه ، وما وجدنا فيه حراماً حرمناه . )) 0
ثم يبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ما يحرمه بوحي غير متلو مثل ما يحرمه الله عز وجل في
قرآنه المتلو قائلاً : (( ألا وإن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله . )) ( 3 ) .0
وذلك التحريم دين دائم إلي يوم القيامة كما سيأتي من قول أئمة المسلمين .
6- وعلام يصف الزائغ عن سنته المطهرة بأنه هالك كما قال صلى الله عليه وسلم: (( قد تركتكم على البيضاء ، ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك . )) ( 4 ) .

فعلام يدل هذا إن لم تكن أحكام السنة حجةً وديناً عاماً دائماً كالقرآن الكريم !
إن كل ما نقلناه هنا من هذه الأحاديث ونحوها كثير بمثابة التصريح من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن سنته المطهرة حجة ودين عام دائم ملازم للقرآن الكريم .

وهذا ما فهمه الصحابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهم أول المخَاطَبين بكتاب الله عز وجل , وفيه الأمر بطاعته صلى الله عليه وسلم والتحذير من مخالفة أمره . قال تعالي : } فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم { ( 1) 0

فهل هذا الأمر الإلهي بإتباع أمر نبيه صلى الله عليه وسلم الوارد في سنته المطهرة أراد به رب العزة ألا يكون ديناً عاماً دائماً كالقرآن ؟؟؟ .

إن القول بهذا طعن في القرآن نفسه ، وفي عالمية الدعوة الإسلامية ؛ ثم إن رب العزة يقسم بذاته المقدسة على عدم إيمان من يُحَكِّم رسوله في كل شأن من شئون حياته ، ومن المعلوم بالضرورة ، أننا نُحَكِّمْ الرسول صلى الله عليه وسلم بذاته وهو حي ، فإذا انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلي الرفيق الأعلى حَكَّمْنَا سنته المطهرة .

على أنه ليس فقط أن نُحَكِّمْ الرسول r وسنته ، بل لا بد وأن تمتلئ قلوبنا بالرضا والسعادة بهذا الحكم النبوي ، وأن نخضع له خضوعاً كاملاً مع التسليم التام قال تعالي : } فلا وربك لا يؤمنون به حتى يُحَكَّمُوكَ فيما شَجَرَ بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً { ( 2 ) .

وعلى ذلـك يؤكـد رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : (( لا يؤمن أحـدكم حتى يكـون هواه تَبَـعًا لما جئتُ بهِ )) ( 3 ) 0

ولم يخالف في ذلك أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يقول بخلاف هذا إلاَّ من جهل طريقتهم في العمل بأحكام الدين ، وكيف كانوا يأخذونها .

فالصحابة أجمع وعلى رأسهم الخلفاء الراشدين كانوا يعظمون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحكمونه في كل شأن من شئون حياتهم .

فعن ميمون بن مهران ( 1 ) قال : كان أبو بكر الصديق إذا ورد عليه الخصم نظر في كتاب الله ، فإن وجد فيه ما يَقْضِي به قضي به ، وإن لم يكن في الكتاب ، وعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الأمر سنة قضي بها ، فإن أعياه خرج فسأل المسلمين ، وقال آتاني كذا وكذا !
فهل علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضي في ذلك بقضاء ؟ فربما اجتمع إليه النفر كلهم يذكر عـن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه قضاءًا ، فيقول أبو بكر : الحمد لله الذي جعل فينا من يحفظ على نبينا ، فإن أعياه أن يجد فيه سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع رؤوس الناس وخيارهم فاستشارهم ، فإذا اجتمع رأيهم على شئ قضي به(2) .

وعن جابر بن زيد (3 ) أن ابن عمر لقيه في الطواف ، فقال له يا أبا الشعثاء إنك من فقهاء البصرة، فلا تُفْتِ إلا بقرآن ناطق أو سنة ماضية ، فإنك إن فعلت غير ذلك هلكت وأهلكت (4) .

وعن شريح القاضي ( 5 ) : أن عمر بن الخطاب كتب إليه (( إن جاءك شئ في كتاب الله فاقض به ، ولا يلتفتك عنه الرجال ، فإن جاءك ما ليس في كتاب الله فانظر في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاقض بها ، فإن جاءك ما ليس في كتاب الله ، ولم يكن في سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم فانظر ما اجتمع عليه الناس فخذ به ، فإن جاءك ما ليس في كتاب الله و، ولم يكن في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يتكلم فيه أحد قبلك ، فاختر أي الأمرين شئت : إن شئت أن تجتهد برأيك ثم تقدم فتقدم ، وإن شئت أن تتأخر فتتأخر، ولا أري إلاَّ التأخير خيرًا لك . ))
ونحو ذلك روي بن مسعود وابن عباس وغيرهم رضوان الله عليهم أجمعين
وبذلك كانت مصادر الأحكام في الصدر الأول بأربعة :
1-القرآن الكريم : وهو المصدر الأول لهذا الدين ، وعمدة الملة , وكانوا يفهمونه
واضحاً جلياً ، لأنه بلسانهم نزل ، مع ما امتازوا به من
معرفة أسباب نزوله .
2-السنة النبوية : وهي المصدر الثاني الملازم للمصدر الأول ، وقد اتفقوا على
اتباعها متي ظفروا بها .
3- القياس : أو الرأي المستند إلي كتاب الله عز وجل ، أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
4- الإجماع : المستند إلي نص من كتاب أو سنة أو قياس ( 3 ) .

ولم يزل أئمة الإسلام من المحدثين والفقهاء من التابعين فمن بعدهم إلي يومنا هذا وإلي أن تقوم الساعة على تحكيم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم !!

فكيف يصح بعد ذلك القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابهم وعلى رأسهم الخلفاء الراشدين أرادوا عدم تأبيد ما جاءت به السنن من أحكام ؟ !!

اللهم إن هذا إنكار لإجماع الأمة منذ عهد نبينا صلى الله عليه وسلم إلي يومنا هذا ! وإلي أن يرث الله الأرض ومن عليها بحجية السنة المطهرة . واتخاذها ديناً عاماً دائماً ملازماً لكتاب الله عز وجل .
وهذا الإجماع قائم على الحقائق الثابتة في كتاب ربنا سبحانة وتعالى، وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم وسنة الخلفاء الراشدين ، والصحابة أجمع رضوان الله عليهم وعلى هذا الإجماع أئمة المسلمين من التابعين فمن بعدهم إلي يومنا هذا .

وما أصدق ما قاله عمر بن العزيز ( 1 ) في إحدى خطبه قال : (( يا أيها الناس إن الله لم يبعث بعد نبيكم نبيًا ، ولم يُنّّزِلْ بعد هذا الكتاب الذي أنزله عليه كتابًا ، فما أحل الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم فهو حلال إلي يوم القيامة وما حرم على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم فهو حرام إلي يوم القيامة ، ألا إني لست بقاض ولكني منفذ ، ولست بمبتدع ولكني متَبِعْ ، ولست بخير منكم ، غير أني أثقلكم حملاً ، ألا وأنه ليس لأحد من خلق الله أن يطاع في معصية الله ، ألا هل أَسْمَعْت )) ( 2 )

وقال أيضاً رحمه الله تعالي : (( سن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولاة الأمر من بعده سنناً ، الأخذ بها اتباع لكتاب الله عز وجل ، واستكمال لطاعة الله عز وجل ، وقوة على دين الله عز وجل ، ليس لأحد من الخلق تغيرها ولا تبديلها ولا النظر في شئ خالفها ، من اهتدي بها فهو المهتد ، ومن انتصر بها فهو منصور ، ومن تركها اتبع غير سبيل المؤمنين ، وولاه تعالي مما تولاه ، وأصلاه جنهم وساءت مصيراً )) ( 3 ) 0

وقال الحافظ بن عبد البر ( 4 ) Sad( ليس لأحد من علماء الأمة يثبت حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرده دون إدعاء نسخ عليه بأثر مثله ، أو إجماع ، أو بعمل يجب على أصله الانقياد إليه ، أو طعن في سنده ، ولو فعل ذلك أحد سقطت عدالته ، فضلاً عن يتخذ إماماً ولزمه إثم الفسق )) ( 5) أهـ .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mubark59@hotmail.com
 
جريمة الزنا بين الشريعة والقانون الوضعى مع سابقة قضائية سودانية فى الوطء بإكاره
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» نجمة ... نجمة عليك الرحمة .....وأروع سابقة قضائية سودانية تابعونا
» قصاص الاثر السودانى وحكايته مع الشرطة (منقوووول ) وسابقة قضائية سودانية
» تخريج الدفعة 62 من طلبة كلية العلوم الشرطية جامعة الرباط الوطنى
» ليس دفاعاً عن الشرطة السودانية وموضوع الفتاه التى تم جلدها واليوتيوب
» لنرفع همة الهلال والمريخ أفريقياً(أشعار رياضية سابقة .بشرى مبارك إدريس )

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابناء السقاى :: المنتدى العام :: المنتدى العام-
انتقل الى: