منتديات ابناء السقاى
يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا نحن الضيوف وانت صاحب المنزل اهالي السقاي يرحبون بكل زائر ويسعدنا تسجيلك معنا (إدارة المنتدى)
منتديات ابناء السقاى
يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا نحن الضيوف وانت صاحب المنزل اهالي السقاي يرحبون بكل زائر ويسعدنا تسجيلك معنا (إدارة المنتدى)
منتديات ابناء السقاى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


المنتدى الجامع لأبناء السقاى الكبرى
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 حكومة السودان ضد عماد أحمد هويللو وأخرين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
بشرى مبارك




عدد المساهمات : 7557
تاريخ التسجيل : 19/02/2009
العمر : 64
الموقع : أقيم فى بيريطانيا مدينة بيرمنجهام

حكومة السودان ضد عماد أحمد هويللو وأخرين Empty
مُساهمةموضوع: حكومة السودان ضد عماد أحمد هويللو وأخرين   حكومة السودان ضد عماد أحمد هويللو وأخرين I_icon_minitimeالسبت 31 ديسمبر - 18:13

حكومة السودان ضد عماد أحمد هويللو و آخرين
[رجوع]
نمرة القضية: م ع / م ك / 139/ 1988م
المحكمة: /
العدد: 1989

المبادئ:

•· قانون جنائي-الجرائم التي تقع في السودان- خضوعها لأحكام قانون العقوبات السوداني.
•· الشريعة الإسلامية-حماية الأجنبي- عدم جواز الإعتداء عليه- الإذن بالدخول للسودان يعتبر آمان.
•· قانون جنائي-حق الدفاع الشرعي- وجود فعل حال رد الإعتداء.
•· قانون جنائي- الإستفزاز الشديد المفاجئ-عدم توفر الفجائية- أثر.
•· قانون جنائي-القتل غيله-تعريفه- المذهب المالكي.
1/ إن إلتزامات السودان الدولية تقتضي خضوع ما يقع في السودان من رجال المقاومة الفلسطينية بصفتهم محاربين في مواجهة الممثلين السياسيين المعتمدين في السودان لأحكام قانون العقوبات السوداني.

2/ يعتبر معصوم الدم و الأموال ولا يجوز بأي حال إهدار دمه و استباحة ماله من دخل أرض الدولة بأمان ولو كان منتمياً لدولة محاربة ما دام الآمان قائماً ويعتبر الأذن بالدخول أماناً حتى تنتهي مدة الإذن

3/ إن التمسك بممارسة المتهمين لحق الدفاع الشرعي عن أنفسهم و عن الوجود الفلسطيني بقتل المجني عليهم، لا تتوفر فيه الأركان القانونية لنشوء حق الدفاع الشرعي الذي تتطلب ممارسته قيام اعتداء فعلي حال أو وشيك الوقوع-يستلزم رده اللجوء إلي القوة أو العنف ولكن من الجائز أخذ ذلك في الاعتبار لدى التعرض لبواعث ذلك القتل.

4/ إذا افترضنا جدلاً إن تصرفات الإسرائيليين تجاه الفلسطينيين يمكن اعتبارها استفزازاً شديداً، إلا إن هذا الاستفزاز يفقد عنصر الفجائية، ومن ثم لا انطباق لأحكام البند (1) من المادة 249 عقوبات.

5/ أخذ المشرع السوداني بمذهب الإمام مالك بالنسبة للقتل غيلة، أن يقوم الجاني بمخادعة المجني عليه إو استدراجه عن طريق الحيلة بحيث يأمن إليه ثم يغدر به ويقوم بقتله في الوقت المناسب.


الحكم:

المحكمة العليا

القضاة:

السيد/ حكيم الطيب قاضي المحكمة العليا رئيساً

السيد/ مقبول الحاج محمد قاضي المحكمة العليا عضواً

السيد/ عمر ميرغني البنا قاضي المحكمة العليا عضواً



حكومة السودان ضد عماد أحمد هويللو و آخرين

م ع / م ك / 139/ 1988م

المحامون: جلال على لطفي، عبد الله محمد أحمد، عبد الرحمن ساتي، عبد المنعم عثمان إدريس، فتحي خليل.

الحـــــكم

أدانت محكمة كبرى انعقدت بالخرطوم، برئاسة قاضي محكمة الإستئناف أحمد البشير محمد الهادي، المتهمين الخمسة (1) عماد أحمد هويللو (2) حسن قاسم نمر(3) شريف عزت عطوي (4) مصطفي عارف الرفاعي (5) إبراهيم على فصاعي أدانتهم، ضمن مواد أخرى تحت المواد 252 و 84/ 252 قانون العقوبات لسنة 1983م "القتل غيلة والتحريض عليه" و أصدرت حكمها على خمستهم بالإعدام شنقاً حتى الموت. وقد أرسلت إلينا الإجراءات للتأييد، كما ألحقتها هيئة الدفاع عن المتهمين بمذكرة استئناف ضد قرار الإدانة.

الوقائع الهامة واضحة لا خلاف عليها..و هي ثابتة وراء كل شك معقول بإقرارات المتهمين القضائية غير المرجوع عنها، وباعترافاتهم الكاملة والمفصلة في كل المراحل، وبينات أخرى عديدة. ويمكن إيجازها فيما يلي:

المتهمون الخمسة فلسطينيون ينتمون لمنظمة سرية تسمي نفسها الخلايا الثورية العربية. و قد دخلوا السودان-متفرقين- خلاف الشهور الستة السابقة للأحداث وذلك بغرض محدد هو "ضرب المصالح الأمريكية والغربية بالسودان" و المتهم الخامس هو قائد العملية...و كان هو أول من دخل البلاد ولحق به المتهم الرابع، حيث قام الاثنان بجمع المعلومات اللازمة وتحديد الأهداف واستلام السلاح.

و في ليلة الحادث (الأحد 15/5/1988م قام المتهم الرابع بتوصيل المتهمين الثاني والثالث بعربته إلي مكان غير بعيد من النادي السوداني بالخرطوم و زودهما بالسلاح و بجلاليب سودانية أرتدياها فوق ملابسهما العادية. و بعدها قام بتوصيل المتهم الأول إلي قرب فندق الأكروبول بسوق الخرطوم و زوده بالسلاح وبجلابية سودانية هو الأخر.

و في ساعة الصفر (الثامنة مساء) دخل المتهم الأول مرتدياً الجلابية السودانية فندق الأكروبول وهو يحمل حقيبة بداخلها عبوة ناسفة تزن حوالي الخمسة كيلو جرامات، و معهما مضرب للتنس للتمويه..و صعد إلي قاعة الطعام بالطابق الثاني حيث فاجأ الموجودين فيها بإلقاء الحقيبة- مما أدي لحدوث انفجار شديد تسبب في وفاة سبعة أشخاص هم:

1/ كريستوفر جون رولف.. بريطاني الجنسية، في الخامسة والثلاثين، موظف بمنظمة الإغاثة بالأمم المتحدة.

2/ كلير رولف.. بريطانية، في الحادية والثلاثين، موظفة بنفس المنظمة و زوجة الأول.

3/ الطفل توماس رولف.. بريطاني، في الثالثة من عمره، إبن الأولين.

4/ الطفلة لويس رولف.. بريطانية، في عامها الأول، إبنة الأولين.

5/ سالي روكيت..بريطانية، في الثلاثين.

6/ عميد أ ج إبراهيم عبد الحميد محمد، سوداني، في الثانية والأربعين، قائد ثان سلاح المهندسين بالقوات المسلحة السودانية.

7/ الخير خلف اله محمد عبد الله..سوداني، في الثلاثين، عامل بفندق الأكروبول.

كما تسبب الانفجار في إلحاق الأذى و الجراح بسبعة آخرين من جنسيات مختلفة (ثلاثة منهم سودانيون، واثنان بريطانيان، و سويسري، وبنغلاديشي). وتسبب أيضاً في إحداث أضرار جسيمة بسقف و جدران القاعة و بنوافذها و أثاثها. وبعدها أتصل المتهم الأول من مكان الحادث مستغلاً الفوضى والظلام اللذين أعقبا الانفجار.

و في نفس الموعد داهم المتهمان الثاني والثالث النادي السوداني و هما يحملان رشاشاً و مسدساً و عدداً من القنابل اليدوية، و أخذا يطلقان النار ويلقيان القنابل عشوائياً، مما أدي لإصابة أحد السودانين العاملين بالنادي بطلقتين في أعلى صدره وفي ظهرن... بالإضافة لإحداث تلف في مباني ونوافذ و أثاث النادي.

و لما خرج الاثنان للشارع طاردهما بعض المارة، فألقوا القبض عليهما، و كان ذلك بعد أن تخلصا من سلاحهما بإلقائه في برميل للقمامة، و كذلك من جلاليب يرتديانها و فيما بعد تم القبض على المتهمين الأول والرابع و الخامس.

تلك هي الوقائع الأساسية و الهامة.. وهي ثابتة دون شك، و واضحة كل الوضوح بما يغنينا عن المناقشة التقليدية لعناصر جريمة القتل العمد المعلومة.. ويكفينا في هذا الشأن أن نناقش الدفوع التي أثارتها هيئة الدفاع –سواء في مذكرة الإستئناف أو في المرافعة الختامية أو في الرد على التهمة.

أول تلك الدفوع هو القائل بأن ما أتاه المتهمون يعتبر جريمة سياسية بمعنى أنها ليست جريمة عادية يطبق عليها، ويحاسب مرتكبها، بموجب قانون العقوبات العادي.

و نقول.. إننا لا نعرف سنداً أو أصلاًَ لما يسمي بالجريمة السياسية في قوانيننا و لأن القانون السوداني لم يأخذ بها فإنه لم يعرفها.

و إننا لا نعلم أهمية أو أثر لتحديد ما إذا كانت الجريمة سياسية إلا لأحد غرضين (1) في حالة اتفاقية تبادل المجرمين- حيث تنص تلك الاتفاقيات على عدم تسليم المتهمين بجرائم سياسية (2) أو لغرض تقدير العقوبة المناسبة متى كان القانون يفسح مجالاً للتقدير. وفيما عدا ذلك فإن طابع الجريمة- ما إذا كانت سياسية أو غير ذلك- لهو أمر يتعلق بالباعث أو الدافع على ارتكابها.. وهذا مكانه و أثره عند تقدير العقوبة كما أسلفنا، وليس سواها.

ثاني الدفوع التي أثارتها هيئة الدفاع هو ما أسمته مشروعية العمل الفدائي الفلسطيني-قاصدة بذلك القول بأن من حق الفلسطينيين مقاتلة العدو و أعوانه، و ضرب مصالحه و مصالح من يدعمونه و يؤيدون، في أي زمان و مكان.

و يكفينا في الرد على هذا الدفع ما ورد في حكم المحكمة العليا في قضية أيلول الأسود المشهورة (م ع / م ك / 104/ 74 محاكمة غسان أبو رزق و آخرين) ذات الوقائع المشابهة و الدفوع المطابقة.. حيث ورد:

" تلك هي حقوق رجال المقاومة الفلسطينية ضد العدو الإسرائيلي و التي تحتم إنطباق قانون الحرب الدولي على ما يقع منهم في مواجهة إسرائيل في الأراضي المحتلة أو خارجها. إلا إن الأمر يختلف بالنسبة لما يقع من رجال المقاومة الفلسطينية في السودان ضد الممثلين السياسيين للدول الأخرى التي اقتضت ضرورات المجتمع الدولي تبادل –العلاقات الدبلوماسية معها و استقبال ممثليها السياسيين حتى مع إحتمال دعمها للعدو الإسرائيلي و مساندته. إلا إن السودان الذي تقف قواته في صف واحد مع القوات العربية في مواجهة العدو الإسرائيلي له إلتزاماته الدولية التي تفرض عليه كذلك مراعاة قواعد القانون الدولي للحرب والسلام، حيث إن السودان لم يعلن حرباً ضد هاتين الدولتين (الولايات المتحدة وبلجيكا) اللتين أعدم ممثلوها في أرضه و لم تعلن من جانبهما حرباً ضده.. كما إنه يتبادل تمثيلاً سياسياً معهما و هو أمر يفرضه واقع الحياة الدولية.

كما ورد في موضع آخر من نفس حكم المحكمة العليا المشار إليه ما يلي:

"بالتالي مع تقديرنا للمركز القانوني الدولي لرجال المقاومة الفلسطينية بما يكسبهم صفة المحاربين في مواجهة العدو الإسرائيلي فيما يقع منهم بداخل أو خارج الأرض المحتلة، مما يخضعهم حينذاك لقانون الحرب، إلا إن إلتزامات السودان الدولية تقتضي خضوع ما يقع منهم من أعمال ضد الممثلين السياسيين المعتمدين في السودان لقانون العقوبات الساري في السودان.

الجدير بالتنويه إن البريطاني القتيل و زوجته موظفان بهيئة إغاثة تابعة لمنظمة الأمم المتحدة، وهما –بهذه الوضعية- يحملان صفة الدبلوماسي. وعموماً فإن ما أوردته المحكمة العليا في حكمها ينبغي ألا يقتصر على الدبلوماسيين فقط.. فالضرورات الدولية التي تتحدث عنها تنطبق على كل من يقدم العون للسودان، كما تنطبق –من باب أولى- على من يقدمون الإغاثة.

و لا حاجة بنا للتذكير بأن السودان في حالة حرب معلنة مع إسرائيل لكنه ليس في حالة حرب، أو حتى حالة عداء، مع دول الضحايا من قتلى و جرحى.

تبقي- في هذا الجانب- أمر هام, هو إن من بين القتلى مواطنين سودانيين (اثنان) و هما لا علاقة لهما بأي حال من الأحوال بجميع الدفوع التي أثارتها هيئة الدفاع.. وقد أبدى المتهمون عميق أسفهم لموتهم.. لكن ما جدوى الأسف؟ و ليس صحيحاً ما ذهبت إليه المحكمة الكبرى هنا من تطبيق قاعدة ال Transferred Malice المنصوص عليها في المادة 250 قانون العقوبات (و التي تنص على أنه: إذا ارتكب الشخص –وهو يأتي فعلاً يقصد به أحداث الموت أو يعلم بأنه يحتمل أن يسبب الموت- جريمة القتل بتسبيب موت إنسان لم يكن يقصد موته أو يعلم بأنه يحتمل أن يسببه فإن القتل التي يرتكبها تكون لها صفة الجريمة التي كان يرتكبها إذا سبب موت الشخص الذي كان يقصد موته أو يعلم بأنه يحتمل أن يسببه).. والصحيح هو إن من يلقي قتيله في قاعة بها عدد من الناس يعلم إن موت أي فرد منهم- حتى و إن لم يكن هو المقصود- أمر مرجح وليس محتملاً فقط.. فإذا مات أي شخص غير الشخص المقصود يصبح موته عمداً (بالعلم إن لم يكن بالقصد) وليس بتطبيق القاعدة القانونية المشار إليها في المادة المذكورة.

عنصر المفاجأة هو أحد أركان الإستثناء المعني.. فقد تقرر ارتكاب الجريمة موضوع الإجراءات قبل شهور من حدوثها، وتبع ذلك تسلل للسودان وتجميع المعلومات وتحديد للأهداف وتجهيز للسلاح، ثم إنتظار لليوم المناسب و الفرصة المواتية-ولا مجال بعد كل ذلك للحديث عن الفجائية.

وحتى لو لجأنا لنظرية تراكم الإستفزاز، وقلنا إن الغضب ظل يتراكم مكتوماً يوماً بعد يوم وعاماً بعد عام.. فأين هي "القشة الأخيرة" التي تسببت في نزع الفتيل و أدت إلي لفقدان السيطرة على الأعصاب التي هي لب الإستثناء؟

كذلك لا ننسى إن المادة 249 (1) قانون العقوبات – التي تقنن الإستثناء وتنص عليه -لا تجيز تطبيقه إلا "إذا سبب الجاني موت الشخص الذي إستفزه أو موت شخص آخر خطأ أو مصادفة" والذين قصد المتهمون تسبيب موتهم من أجانب ما هم الذين قاموا بالإستفزاز و ماهم مصدره.. فلا هم إسرائيليون و لاهم حكام في دولهم التي يقوم المتهمون أنها تدعم إسرائيل، ولا دليل بأنهم –وبينهم أطفال- عملاء لإستخبارات تلك الدول. أما السودانيون (الذين كان المتهمون يعلمون موتهم أمر مرجح) فهم أبعد ما يكونون-بإقرار المتهمين عن ذلك.

كل ما سبق يعني إن عناصر جريمة القتل العمد-بالنسبة للمتهم الأول قد توفرت جميعها.. فهل يعتبر قتلاً غيلة؟

المشرع السوداني حين نص على عقوبة خاصة مشددة لقتل الغيلة (بإعتباره نوعاً متميزاً من أنواع القتل العمد يستحق أن يترك أمره لولي الأمر وليس لولي (الدم) لم يشأ أن يورد له تعريفاً في القانون. وطالما إن النص ليس مفسراً أو قطعي الدلالة، فإن المادة (2) من قانون أصول الأحكام القضائية لسنة 1983م- في فقرتيها (ب) و (ج) تلزمنا ب (1) تفسير المجملات والعبارات التقديرية بما يراعي أحكام الشريعة ومبادئها و روحها العامة (2) تفسير المصطلحات و الألفاظ الفقهية على ضوء القواعد الأصولية في الفقه الإسلامي. وفي نفس الوقت فإن المادة 6 (1) قانون تفسير القوانين والنصوص العامة لسنة تلزمنا بتفسير نصوص أي قانون بما يحقق الغرض الذي شرع من أجله مبينة أنه يفضل في جميع الحالات التفسير الذي يحقق ذلك الغرض على سواه.

ولغرض التعرف على حكم الشريعة في شأن قتل الغيلة، ولمعرفة تفسيره كمصطلح فقهي، ليس أمامنا سوى اللجوء للمذهب المالكي..فالمعلوم أنه المذهب الوحيد الذي يعرف قتل الغيلة و يقول به – أما المذاهب الأخرى فلا تعرفه و لا تعترف به. ولا تتفق مع المحكمة الكبرى في رأيها بعدم الأخذ بالمذهب المالكي بحجة إن رئيس القضاة لم يصدر منشوراً يحدد فيه المذهب أو المذاهب التي تتبعها المحاكم في تطبيق القواعد الشرعية حسبما تنص المادة 308 (أ) قانون الإجراءات الجنائية..فرئيس القضاة قد أصدر المنشور الجنائي رقم 88 للعام 1983م وفيه حدد (من منطلق إن مصدر القانون ليس مذهباً معيناً) ألا تتقيد المحاكم في اجتهاداتها الفقهية بمذهب معين. وطالما المذاهب الأخرى لا تعرف قتل الغيلة فلا يتبقى أمامنا، كما أسلفنا سوى اللجوء للمذهب المالكي. وقد عرف غالبية فقهاء المالكية قتل الغيلة بأنه إن يخدع الإنسان غيره دفع آخر لجأت إليه هيئة الدفاع يتعلق بموقف الشريعة الإسلامية من مثل ما حدث، حيث يقول الدفع بأن الشريعة الإسلامية تبيح الإغتيال دفاعاً عن القضية ونرى إن موقف الشريعة الإسلامية قد أوضحه تماماً الدكتور/ عبد القادر عودة في مرجعه المعروف (التشريع الجنائي الإسلامي) حيث ورد فيه – في الجزء الأول ص 277:

" إذا دخل الحربي (و هم سكان دار الحرب الذي لا يدينون بالإسلام) دار السلام بإذن أو أمان خاص أو بناء على عهد فهو مستأمن، والمستأمن يعصم دمه وماله عصمة مؤقتة".

كما ورد في نفس المرجع – الجزء الثاني ص15:

"العصمة أساسها في الشريعة الإسلام والأمان. ويدخل تحت الأمان عقد الجزية و الموادعة والهدنة. وعلى يعتبر معصوماً المسلم والذمي و من بينه وبين المسلمين عهد أو هدنة ومن دخل أرض الدولة بأمان و لو كان منتمياً لدولة محاربة ما دام الأمان قائماً، ويعتبر الإذن بالدخول أماناً حتى تنتهي مدة الإذن. فهؤلاء جمعياً معصومون أي لا تباح دماؤهم و لا أموالهم و إذا قتل أحدهم كان قاتله مسئولاً عن قتله عمداً أن تعمد قتله.

إذن فجميع القتلى (حتى بعد استبعاد السودانيين منهم) يعتبرون مستأمنين دخلوا السودان، بالضرورة، بأمان وإذن لتقديم العون والغوث للسودانيين.. فهم معصومو الدم و الأموال ولا يجوز بأي حال إهدار دمائهم و إستباحة أموالهم.

و من بين الدفوع التي أثارتها هيئة الدفاع بممارسة حق الدفاع الشرعي –موضحة بأن المتهمين إنما يدافعون عن شعبهم الذي يتعرض للإعتداء والقتل والتنكيل في كل لحظة.

و لا نرى بأننا في حاجة للرد على هذا الدفع بأكثر من القول (حتى و إن رأت فيه هيئة الدفاع نوعاً من ضيق النظر إو ضيق الأفق) بأن حق الدفاع الشرعي تسلتزم ممارسته قيام إعتداء فعلي، معلوم ومحدد، حال أو وشيك، يلزم اللجوء للقوة أو العنف لغرض صده ومنعه وليس لأي غرض آخر.. وهو –أي حق الدفاع الشرعي- ليس بأي حال رخصة للإنتقام من أفعال حدثت في الماضي أو يتوقع لها أن تحدث في المستقبل.

وذلك نفس ما ذهبت إليه المحكمة العليا في حكمها في قضية أيلول الأسود المشهورة و التي سبقت الإشارة إليها، حيث ورد رداً على دفع مماثل:

أما إثارة الدفاع عن ممارسة المتهمين حق الدفاع الشرعي عن أنفسهم و عن الوجود الفلسطيني بقتل الرهائن الثلاثة، فلا تتوفر فيه الأركان القانونية لنشوء ذلك الحق، و إن كان يمكن أخذه في الإعتبار عند التعرض لبواعث ذلك القتل.

آخر الدفوع التي أثارها المستأنفون هو المتعلق بالإستفزاز الشديد المفاجئ و الذي يخفف من طبيعة الجريمة من القتل العمد للقتل شبه العمد. وهم يفسرون ذلك بأن أفعال العدو الإسرائيلي وجرائمه اليومية ضد الفلسطينيين تشكل إستفزازاً دائماً و مستمراً لكل فلسطيني.

ونرى إن هذا الدفع ليس بالأفضل حظاً من سابقيه. فلو وافقنا على إن تصرفات الإسرائيليين تجاه الفلسطينيين يمكن إعتبارها إستفزازاً و شديداً، فإن ما حدث يفتقد فيضجعه و يذبحه خاصة على ماله.. ويقول آخر: أن يخدعه فيذهب إلي موضع خفية فإذا صار فيه قتله و أخذ ماله.. و في قول ثالث مختصر: هو القتل خفية لأخذ المال. أما الإمام مالك نفسه فيرى أن قتل الغيلة هو أن يخدع الإنسان غيره فيدخل بيته و نحوه فيقتل ويأخذ المال..فهو لا يشترط الإستدراج أو الإضجاع و لا يقصره على آخذ المال.

هذا ما كان من أمر المعني الفقهي للغيلة في المذهب المالكي أما إذا حاولنا تفسير النص بما يحقق الغرض الذي شرع من أجله فإنه يلزمنا السعي لتحديد قصد المشرع السوداني من وراء ما شرع. ولا نعرف مجالاً للتعرف على ذلك القصد أفضل من المذكرة التفسيرية لذلك التشريع. ورد فيها عن قتل الغيلة أنه: كل قتل أتسم بالغدر والمكر والخديعة التي تجعل بتر الجاني من المجتمع و درء خطره أهم من جبر أضرار أولياء الدم. وقد جاء في الحديث الشريف: المكر والخديعة في النار "أنتهي".

وحتى إذا بدا إن المشرع السوداني –فيما يبدو مما ورد في المذكرة التفسيرية- قد أخذ بالتعريف الأوسع و الأشمل و أسقط عامداً شرط قصد أخذ المال، فإنه قد يكون بذلك قد أخذ برأي الإمام مالك " أن يخدع الإنسان غيره فيدخل بيته و نحوه فيقتل ويأخذ المال". وهذا يعني –فيما نرى إن الإثنين" الإمام مالك والمشرع السوداني "يشترطان أن يقوم الجاني بمخادعة الضحية، أو إستدراجه بإستعمال الحيلة، بحيث يأمن إليه، وفي الوقت المناسب يغدر به ويقوم بقتله.

وفي الممارسة القضائية نجد إن المحكمة العليا قد أخذت في أكثر أحكامها- فيما نعلم- برأي غالبية فقهاء المالكية و أشترطاً قصد أخذ المال "و إن كانت في بعض الأحكام الأخرى – ولعلها الأقلية- لم تفعل".

و في كل تلك الأحوال لا ينطبق على فعل المتهمين تعريف الغيلة..فما أتوه لا علاقة له بالمال ولا بأخذه، وهم لم يستدرجوا أحداً من الضحايا بعيداً عن موضعه أو عن الغوث، ولم يمارسوا معهم أي نوع من أنواع المخادعة. و ما قام به المتهم الأول من تخف بإرتداء الجلابية السودانية، ومن تمويه بحمل مضرب للتنس في الحقيبة التي تحتوى على المتفجرات ما كان إلا لغرض تسهيل دخوله للفندق و إرتكابه لجريمته ثم تمكينه من الإفلات بجلده بعد إرتكابها..ولم يكن أحد من الضحايا على علم بما يفعل المتهم، وبالتالي لا يمكن القول بأنه قد خادعهم و أستأمنهم حتى يغدر بهم.

ونخلص من ذلك إلي أننا نختلف مع المحكمة الكبرى في هذا الجانب و نرى إن الجريمة التي أرتكبها المتهم الأول هي جريمة القتل العمد المعاقب عليها تحت المادة 251 قانون العقوبات وليست جريمة القتل العمد غيلة المنصوص عليها في المادة 252.

ننتقل بعد هذا لباقي المتهمين.. ونسأل: هل يعتبرون محرضين للمتهم الأول على ارتكاب الجريمة عن طريق الدخول معه في اتفاق جنائي على ارتكابها؟

تنص المادة 82 (ب) قانون العقوبات على أن لم يعد محرضاً على ارتكاب الشيء كل شخص يشترك مع شخص آخر أو أشخاص آخرين في اتفاق لإرتكاب ذلك الشيء.

ينعي المستأنفون على المحكمة الكبرى أنها أعتبرت إن مجرد عضوية كل واحد من المتهمين في التنظيم السري المسئول عن الحادث إشتراك منه في الإتفاق على ارتكاب الجريمة، ونحن نقول إن إشتراك المتهمين في الإتفاق الجنائي لم يتم بمجرد عضويتهم في التنظيم السري، وإنما بإشتراكهم في المجموعة التي قامت بالعملية تدبيراً وتنفيذاً لذلك الإتفاق وحضرت للسودان خصيصاً لذلك الغرض.

كما نقول بأن حجم دور كل واحد من المشتركين في الإتفاق في التدبير أو التنفيذ لا يهم..وليس ضرورياً أن يعرف كل واحد تفاصيل الخطة وتفاصيل دور الآخر-ما يهم هو إن كل فرد منهم عالماً بطبيعة المهمة المتفق عليها (قتل). بقول آخر فإنه لا يهم إن كان المتهمان اللذان هاجما النادي السوداني لا يعلمان بالمكان الذي سوف يضرب فيه المتهم الأول ولا السلاح الذي سيستعمله...الخ وقد ورد في الشرح رقم (5) بالمادة 83 قانون العقوبات إن: أنه لا يشترط في إرتكاب جريمة التحريض بطريقة الإتفاق أن يدبر المحرض الجريمة مع الشخص الذي يرتكبها، بل يكفي أن يشترك في الإتفاق الذي ترتكب الجريمة تحقيقاً له.

قد يقول قائل بأن الإتفاق الجنائي بين المتهمين قد تم خارج السودان (في لبنان) وقبل حضورهم إليه.. لكن ذلك لا يغير في الأمر شيئاً..

فمن جهة تنص المادة 4 (1) (أ) قانون العقوبات على أنه: يعاقب في السودان كل شخص بالغ مكلف مختار وقع منه خارج السودان فعل يجعله فاعلاً أصلياً أو محرضاً في جريمة أرتكبت كلها في السودان " وإن كانت المادة 147 قانون الإجراءات الجنائية تشترط الحصول على إذن مكتوب من رأس الدولة قبل تقديم مثل ذلك الشخص للمحاكمة".

ومن جهة أخرى، فإن الإتفاق الجنائي ليس من الجرائم الموقوتة التي تتكون من فعل أو إمتناع يحدث في وقت محدد وينتهي بإنتهائه "مثل جريمة السرقة مثلا"ً وإنما هو من الجرئم المتجددة التي تتكون من فعل أو إمتناع قابل للتجدد أو الإستمرار و يستغرق وقوعها كل الوقت الذي تجدد فيه أو يعتبر "سواء بإرادة الجاني أو بدونها" .. ولا تعتبر مثل هذه الجريمة منتهية إلا بإنتهاء حالة التجدد و الإستمرار مثلها في ذلك مثل إعتقال شخص إعتقالاً غير مشروع، أو تشييد مبان في أرض الغير الخ.. وهذا يعني إن الإتفاق الجنائي يتجدد ويستمر ما دام الإتفاق على إرتكاب الجريمة قائماً و ما دامت إرادة المتفقين ملتقية حولها، ولا ينتهي بإنتهاء النقاش و إتمام الإتفاق.

ونضيف من جهة ثالثة، إن ما قام به المتهمان الرابع والخامس من جمع البيانات وتحديد للأهداف و إمداد بالسلاح و حتى التوصيل بالعربة لأماكن الأحداث يشكل –في نفس الوقت- تحريضاً بالمساعدة.

وهل يصح القول بأن ما قام به المتهمان الرابع والخامس لم يتعد مرحلة التحضير بسبب عدم حضورهما إرتكاب الجريمة –وبالمثل المتهما الثاني والثالث " كما جاء في رد هيئة الدفاع على المتهم"..

نقول إن حضور المحرض لإرتكاب الجريمة ليس شرطاً لإكتمال إرتكابه لجريمة التحريض..ويبدو إن الأمر قد أختلط نوعاً ما على هيئة الدفاع-فالحضور شرط فيما يسمي بالأفعال المشتركة (المنصوص عليها في المادة 78 قانون العقوبات ) وليس في جرائم التحريض. كما إن الشرح رقم (2) بالمادة 83 قانون العقوبات يوضح إنه يشترط لإكتمال جريمة التحريض أن يرتكب الجريمة المحرض عليها أصلاً.. فهل يمكن القول بعد ذلك الشرط بإشتراط حضور إرتكابهما؟

خلاصة ما سبق: إننا نرى تعديل إدانة المتهم الأول من المادة 225 عقوبات للمادة 251 عقوبات، وبالتالي تعديل إدانة باقي المتهمين من المادتين 84/252 للمادتين 84/251 عقوبات. و لما كانت عقوبة الإعدام ليست هي العقوبة الوحيدة المنصوص عليها في المادة 251 "خلافاً لما الحال في المادة 252" فليس أمامنا سوى إعادة الإجراءات للمحكمة الكبرى –على ما في ذلك عنت بالغ على العديد من الجهات- لأخذ رأي أولياء دم القتلى في العفو أو الصلح أو الدية، ومن ثم توقيع العقوبة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mubark59@hotmail.com
 
حكومة السودان ضد عماد أحمد هويللو وأخرين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حبايبنا اطفال السقاي
» حكومة السودان ضد ترك واداى مارودى واخر
» موضوع للنقاش ما هى العلاقة بين مسرحية تاجر البندقية المشهورة وبين حكومة البندقية فى السودان وغيره
» أحمد محمد شاموق وحركة تحرير السودان والقفز فى الظلام
» من أعلام السودان والعيلفون أحمد شيخ إدريس مناع (محافظ الخرطوم الاسبق)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابناء السقاى :: المنتدى العام :: المنتدى العام-
انتقل الى: