بشرى مبارك
عدد المساهمات : 7557 تاريخ التسجيل : 19/02/2009 العمر : 64 الموقع : أقيم فى بيريطانيا مدينة بيرمنجهام
| موضوع: ديبى والمنديل الابيض والكاتب أحمد محمد شاموق الجمعة 12 فبراير - 17:32 | |
| تلويح الرئيس التشادي إدريس ديبي بالمنديل الأبيض في فاتحة جلسات المباحثات المشتركة بين السودان وتشاد أثار تعليقات كثيرة في الصحافة المحلية. ومع أنني كتبت أمس عن نتائج المفاوضات وعن المنديل الأبيض إلا أنني لم أخرج عن المدلول السياسي للحادث. في ثقافتنا السودانية لرفع المنديل الأبيض معنى محددا. ولا يسمونه المنديل الأبيض وإنما الراية البيضاء. رفع الراية البيضاء له معنيان، فهو قد يعني السلام وقد يعني الإستسلام. والسياق الذي رفع فيه ديبي المنديل الأبيض أو الراية البيضاء لا يوحي بمعنى الاستسلام، وإنما يشير للسلام. وضع الانسان رموزا للألوان، فالإشارة للبياض في القرآن الكريم إشارة خير، فالبياض هو اللون الذي يكسو وجوه المؤمنين في الآخرة، وهو ما عبرت عنه الآية (أما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله). اللون الابيض رأت فيه البشرية القدرة، فعبد القدماء الشمس والقمر والنار لما ترسله من نور وما تعكسه من ضياء. وارتبط اللون الابيض بالطهر والبراءة، وعدت الحمامة البيضاء رمزاً للسلام. وهناك إشارات كثيرة للألوان وجدت لها البشرية نوعا من التفسير. اللون الأحمر له مدلول واللون الأسود له مدلول، وكذلك اللون الأزرق والأصفر وهو ما يستخدمه أهل الفراسة باعتبار أن المظهر الخارجي للجسم يعكس حالته الروحية. فهناك ألوان تعكس الهدوء والاطمئنان والغضب والظلم والفرح والنشاط والحزن والبرود والصفاء والحرارة او الهيجان. يقول التاريخ إن الراية البيضاء أصبحت رمزا للامويين وشعارا لدولتهم. يقول المؤرخون ان الامويين عندما يأسرون سفينة من اسطول الروم يطلب من بحارتها تنكيس الصواري ورفع الراية البيضاء حتى تحسب على الاسطول الاموي. وانتقل اللون الابيض مع الامويين إلى الاندلس والى شمال افريقيا، فاتخذته شمال افريقيا رمزا للحزن، فكانت النساء يلبسن الثياب البيضاء ايام الحداد. وقيل ربما كان هذا أصل استعمال الراية البيضاء طلباً للهدنة أو الاستسلام. فقال الشاعر : اذا كان البياض لباس حـزن بأندلس فذاك مـن الصـواب ألم ترني لبست بياض شيبي لاني قد حزنت على شبابـي وبعــد .. قد يرى البعض أن مثل هذا الكلام غير مناسب في الجو السياسي (الفرايحي) الذي توج بتوقيع اتفاق تطبيع العلاقات بين السودان وتشاد وعودة الهدوء لحدود البلدين. ولكن نفي الشبهات كان أهم مقاصده. فالاتفاق بكل جوانبه هو اتفاق (لا غالب ولا مغلوب). وأحسن تفسير له يشير إلى أن البلدين تعبا من المواجهات فقررا (الاستسلام) لدواعي السلام. وهو لا يرسب في النفوس أي انطباعات سالبة قد تشكل خميرة عكننة في المستقبل. | |
|