نواصل مع منى سلمان هى تكتب وأنا أعلق فى الرآى العام

قررت ذات ظهرية أن أتوجه إلى مدرسة العيال لمتابعة سيرهم الأكاديمي، وإخترت الذهاب في نهاية اليوم الدراسي لأعود بهم معي فأكفيهم شر الدودوة بحافلة الترحيل المزدحمة في ذلك النهار الغايظ ..
(شاققت) بين طرقات الحي على قدميي في نهار شمسه (تقلي الحبّة) لأختصر المشوار، وكانت الشوارع شبة خالية لشدة السخانة، وفجأة انفتح باب أحد البيوت وانطلق من داخله ثلاثة أطفال حفاة الأقدام .. بنت وصبيين جميعهم دون السابعة، تسابق الصبيان جريا وهم يتنازعان بينهم (موبايل) تنبعث منه نغمة واحدة من أغاني (وردي) بينما البنيّة وهي الأكبر سنا تصيح من خلفهم:
أجروا سريع .. وصلوا لأمي الموبايل قبّال يقطع !
ولكن قبل أن يبلغ الصغار منتصف المسافة لبيت الجيران، والذي يفصله عنهم عدة بيوت، بدأ أصغرهم في البكاء وحاول السير على أطراف أصابعه من شدة سخونة الأرض، فأسرعت البنيّة لتحمل شقيقها الصغير و(فشخته) على جانبها بمشقة .. تمايلت على الجانبين من وطأة ثقل الحمل على بنيتها الدقيقونة وأسرعت في صحبة شقيقها الآخر وهما يعانيان من لسعات (الرمّاضة) على أقدامهم الصغيرة ..
أسرعت إليهم وحملت عنها الصغير و أنا ألومهم في تحشّر معبوباتي أصيل:
ماشين حفايا في الحر ده ليه ؟ .. أمكم وين ؟
فأجابتني البنيّة بأنهم يودون اللحاق بأمهم الـ (بتتونس عند الجيران)، لأنها نسيت أن تحمل موبايلها وضرب في غيبتها .. (تشمّرت) أكثر وسألتها:
المعاكم منو في البيت ؟
فأكملت الصغيرة هجمتي بالجواب: (ما معانا زول .. قاعدين برااانا) !!
تممت لنفسي: (أمكم باليما التنمّها أم قلبا ميت) !!
كانت أمهاتنا الزمان يتباهين بكثرة الإنجاب، ويعلين شأن المرأة الولود التي تجتهد في أن تجعل (كل حول بي زول)، وكان من المألوف أن تنجب الزوجة ما بين العشرة والخمس عشرة ابنا .. من باب الحفاظ على الازواج بفهم أن الرجل يجب أن يربط في مراح الزوجية بحبل الولادة الكتيرة ..
وللحق لم يكن الرجل فقط هو من يُربط بالأبناء، فالزوجة أيضا كانت ترضى بالصبر على الضيم من أجل أبنائها وتسمّيهم (قيد الهوان لي آخر الزمان)، لقناعة أمهاتنا بأن أم الأطفال يجب أن تظل إلى ساعة الممات في قيد الحياة الزوجية، مهما لاقت في هذه الحياة من صنوف العذاب، لأن أبنائها أعزّ عليها من نفسها وأولى أن تضحي بسعادتها من أجل استقرارهم ليتربوا بين أمهم وأبيهم ..
مشقة تربية الأبناء على أم اليوم، مقارنة بالأم زمان والتي كانت تتشارك هم الرباية مع جميع أفراد أسرتها بحيث يساهم الجميع معها في رعاية الابناء .. بعدين تعالوا النسألكم الرباية زمان كان فيها تعب ؟ رغم أن حبوباتنا قالن عن مشقّة التربية أنها (متل قَرش الحصى) .. أكان يجن يشوفن قرش الحصى الحاصل علينا !!
ورغم ذلك ما زالت بعض أمهات اليوم من ربات البيوت، يمارسن سياسة الجدادة في (التفقيس وطلق الكتاكيت)، كحال أم أولئك الصغار (الهملت) طلبا للونسة في بيوت الحلة، بعد أن تركت صغارها خلفها، سائلى الأعين والأنوف، وقد (تخرخرت) الأوساخ من أقدامهم الحافية، وفاحت من أردانهم المهلهلة مخلفات روايح ما سقوا به مضاجعهم من (الليان) .. وبرغم شدة الحر وسخونة الشمس يتسابقون في محنّة (تحنن) ليوصلوا لها الموبايل حتى لا تفوتها المكالمة .. إن شاء الله ينضموا بي كلاما !!

أضف تعليقك طباعة الموضوع أرسل الموضوع
(قراءة: 605 تعليق: 8 طباعة: 13 إرسال: 0)
التعليقات

--------------------------------------------------------------------------------

1/ SALAH ELFADIL - (KHARTOUM) - 7/1/2010
السلام عليكم أستاذة منى . موضوع شيق أرجو أن أعلق على ما جاء فيه بمقولتين منسوبتين للشيخ فرح ود تكتوك عليه رحمة الله :- 1/ النساء فيهن جدادة , و فيهن نعامة , و فيهن أم ,و فيهن بت أم . 2 / النساء فيهن حريم , و فيهن ررميم , و فيهن دهب مخزون قديم , وفيهن عقارب ساكنات الهشيم . و أنا ما بفسر و إنت ما بتقصر !!

--------------------------------------------------------------------------------

2/ بشرى مبارك إدريس (رائد شرطة معاش ) - (بيريطانيا( بيرمنجهام)) - 7/1/2010
الاستاذة منى سلمان تحية جليدية حارة من بيرمنجهام !! ولكل شعب السودان المرطب والغلبان .. أحييك أستاذتى وإنتى تبحر بنا عن الاسرة وواجب الزوجة تجاه الاطفال وواجب رب البيت زمان والان رغم أن الزمن قد تغيير ولكن هناك ثوابت لا يمكن أن تتغير وهى (الودود الولود ) والموضوع مش فى الكم وإما فى كيفية التربية لان الزوجة التى تحرص على الاولاد لابد أن تحرص على التربية فالزوج عندما يخرج للعمل طلباً للرزق فإن الزوجة الصالحة والتى تطيع الله وتتقى الله فى زوجها وعيالها فإن عملها هو رعاية الابناء وإنتظار الزوج بجميل الثياب وظريف الكباب وبدون الصحاب (جاراتة ) عند لحظة وصوله من العمل وهى لحظة معها أى شىء لايحتمل !!! يجب على الزوجات (ناس منى سلمان وأخواتها ) أن يكون هناك ثوابت تريح الرجل من متحركات السوق وخروج الهلال من الكأس بواسطة مازيمبى ومن الحيرة فى القروش التى تدفع للمحترفين وناس ما لاقين حتى التركين!!! ومن بيرمنجهام سلام رائد شرطة معاش بشرى مبارك إدريس .

--------------------------------------------------------------------------------

3/ ابو السارة - (السععودية) - 7/1/2010
بعد التحية للاستاذة مني في الحقيقة الموضوع ( الولادة الكثيرة ) في غاية الاهمية ، نعم الرازق الله و ( ماشق حنكا ضيعو ) لكن ربنا سبحانه أعطانا عقل لنعقل به . تجد الواحدة عمرها أقل من ثلاثين سنة ولها تسع أو عشرة أطفال أعماره بين سنة وخمسة عشرة سنة لا تعليم ولاصحة ولا حتي أدب . وهذه كارثة جهل ، أمية ، فقر وبالنالي مجتمع مهدد بكل ما هو سلبي . فتربية الجيل الصالح تقتضي العناية الكاملة من تعليم وصحة وبإختصار دوننا قول الشاعر الأم مدرسة إذا اعددتها أعددت شعبا طيب الاعراق . وكفاية تجني علي الأسرة .

--------------------------------------------------------------------------------

4/ abdall adam ahmed - (emirates) - 7/1/2010
يا استاذة مني يا بت امي لو عملنا حصرنا نسوان الاحياء الموجودات في بيوتهن وقت القيلولة بنلقاهم بساااااااااااااااط الرجال جارين وراء المعايش و هن ما هماهم غير النبش و السواطة في الشمارات و خراب البيوت والله الواحدة كم شغالة افضل من القعدة البضيع الوليدات دي

--------------------------------------------------------------------------------

5/ محمد عمر - (السعودية جدة) - 7/1/2010
الاستاذة منى لك التحية والى مواضيعك الشيقة باللهجة السودانية الجميلة .. واقول ليك حليل ايام زمان وزمان المراة مره وعايزة عيال عيال كتار هسع الواحدة تلد واحد تقول ليك خلاص كفاية ولادة واحد كفاية تقول نحن في الصين حرام اكثر من واحد... اقول يا بت الناس الرسول عليه الصلاة والسلام يقول اني مباها بكم الامم يا حليل ايام زمان كل حاجه زمان حلوة حلوة كان زوجة كان راجل كان اولاد الزمن ميل زي مابقول شيخ البرعي اديك العافية يا استاذة منى . كسرة ما قولتي لينا اولادك ليقيتهم كيف في المدرسة ولا ما مشيتي ؟

--------------------------------------------------------------------------------

6/ العطبراوي - (السعودية) - 7/1/2010
كان هنالك مثل يقول ( الخرقة ولادة) يا ترى الخراقة جاءت من إهمال النظافة ببب الإنشغال بالتربية، وكثرة المخالفات الناتجة من العدد الكبير، وهذا بسببه، ولكن هنالك نوع يبالغ في التزين والتجمل والجلسات الطويلة من حناء وغيره، على حساب إهمال الأطفال، فترى الأطفال كما يقولون ( زي المررو) ( الفول السوداني) من الغبشة وأمهاتهم ( زي قمر أربعة عشر)، فإذن النساء يحتجن إلى مواظنة بين الإفراط والتفريط. وحفظك الله بنتنا وحفظ كل ودود وولود.

--------------------------------------------------------------------------------

7/ محمد الحسن - (السعودية ) - 7/1/2010
متعتينا أستاذة منى متعك الله بالصحة والعافية.

--------------------------------------------------------------------------------

8/ محمد علي محمد فضل السيد - (الرياض - راس الفيل ) - 7/1/2010
الاستاذة مني سلمان لله درك وانتي تذكرينا بلهجتنا الحلوة والحنينة التي كادت ان تندثر وسط تطاولنا لمحاكاة الغير والتحدث بلهجات فيها الكثير من التكلف واعوجاج اللسان