بصات الوالى........ ربح طوالى !!!!!وسنهورى من الرآى العام

شهد مطلع تسعينيات القرن الماضى أزمة حقيقية فى المواصلات الداخلية بالعاصمة الخرطوم نتيجة لندرة وقلة اعداد البصات مصحوبة بندرة أخرى فى المواد البترولية وتردي فى الشوارع العامة وقلة فى الكبارى بين مدن العاصمة الثالث،وأذكر وقتها معاناتنا كطلاب فى اللحاق بالمحاضرة الاولى بالجامعة فى امدرمان حيث كنت أسكن فى حى الطائف بالخرطوم واخرج من المنزل فى الخامسة صباحاً الى مسجد الشرقي راجلاً حيث لاتوجد ركشات وسيلة مواصلات وقتها (تحديداً فى العام 1994) للحاق بالبص الذى لا تجد فيه مكاناً للجلوس ليقلنا الى السوق العربى ومنه الى امدرمان الثورة الحارة الاولى حيث كنت ادرس فى جامعة القرآن الكريم كلية الدعوة والاعلام وبالمساء ادرس فى كلية الآداب جامعة أمدرمان الاسلامية لغة انجليزية، وكان كل همي ان أتجاوز كبرى امدرمان القديم قبل حلول السابعة صباحاً حتى لايتم اغلاق الكبرى لتمرير القادمين من أمدرمان الى الخرطوم، وتزداد المعاناة فى رحلة العودة حيث يتم اغلاق الكبرى من جهة أمدرمان الى الخرطوم عند الثالثة ظهراً الى الخامسة مساء لتمرير القادمين من الخرطوم نحو أمدرمان بعد انتهاء ساعات العمل الرسمية.
ولكن تبددت هذه المعاناة بفضل تحريرالاقتصاد الذى أنهى فترة الندرة فى السلع والخدمات،وأحدث وفرة فى هذه السلع والخدمات لتصبح الآن المواصلات أشكالاً وأنواعاً (حافلات كبيرة وصغيرة وامجاد وركشات) لندخل الآن مرحلة التاكسى السياحى والبصات المكيفة والتى تسمى مواصلات ولاية الخرطوم ،اوما يحلو للكثيرين بتسميتها بـ(بصات الوالى)، والتى شاءت ارادة الله ان تقلنى أمس الاول بعد تعرض عربتي لحادث مروري خفيف، لأكون بذلك من رأى وسمع بتلك البصات وليس من سمع فقط ،ولعل تجربتي مع بصات الوالى ليست فقط مجرد توصيلة،وانما توفرت لي الفرصة لان أتعمق فى دراسة هذه التجربة الوليدة والتى فى إعتقادى ان ايجابياتها تغلب على سلبياتها حيث تكمن هذه الايجابيات ليس فقط فى التكييف واستنشاق الهواء البارد والجلوس فى الكرسي الوثير والتى هى وان كانت ايجابية فى جذب الركاب إلا أنها ايضاً خلقت نقلة نوعية من احترام آدمية الانسان وكرمته بتوفيرالهواء والكرسي المريح،أما بقية الايجابيات تكمن فى نجاح التجربة فى تحقيق عوائد استثمارية فى اعتقادي إنها ستعجل باسترداد رأس المال المستثمرفى وقت وجيز اذا عقدنا مقارنة بسيطة بين حجم العائد اليومي والشهري والتكلفة التشغيلية والادارية، وبقراءة سريعة وبارقام يتضح ان هذه التجربة ناجحة من حيث العائد الاستثمارى حيث يسع البص الواحد نحو (45) او (50) راكباً تقريباً بواقع جنيه فى الرحلة التى أقلتني من سوبا الى الخرطوم وهى ذات الفئة او التعرفة للحافلة الصغيرة ( الهايس) مع الفرق فى الخدمة المكيفة والراحة، وترجيح غلبة السرعة للحافلات الصغيرة وبمعادلة حسابية يتضح أن عائد البص فى الرحلة الواحدة فى متوسطة نحو(80) جنيهاً اذا أخذنا فى الحسبان نزول وركوب والشماعة التى أصبحت ظاهرة ببصات الوالى، وبالتالى يفوق عائد الفردة كاملة الـ(160) جنيهاً، واذا عمل البص نحو (10) فردات فى اليوم يكون ايراده اليومي نحو (1600) جنيه فى المتوسط، واذا خصمنا تكلفة التشغيل من جازولين وسائق وكمساري فى المتوسط اليومي تكون نحو(10%) من الايراد قياساً على ان مرتب السائق اوالكمساري فى حدود الالفي جنيه شهرياً فى حده الادنى وبالتالى فان نسبة ربح بصات الوالى تقدر بـ(90%) وهذا بالضرورة يزيد العائد من الاستثمارويقلل فترة استرداد رأس المال ويحقق ايرادات كبيرة ( عيني باردة)،ومن هنا نقول للوالى مبروك وندعوبقية الولاة الى ان يحذو حذو والى الخرطوم، فى استجلاب بصات تخفف المعاناة عن المواطنين وتحقق لهم عائداً استثمارياً مجزياً،لكن لابد ان تعود هذه الارباح على المواطن فى خدمات ضرورية واساسية واولها التوسع فى الطرق وصيانة الطرق المتهالكة،والتوسع فى استجلاب بصات اخرى تغطى مناطق لم تشملها الخدمة،واقامة محطات ثابتة لهذه البصات بها خدمات للجمهورمن مظلات وخدمات مياه وغيرها من الخدمات والالتزام بزمن معين فى الرحلات حتى تصبح بصات الوالى موارد سياحياً ومظهراً جمالياً لعاصمتنا الحضارية كما ان ايجابيات البصات امتدت الى احياء وسط الخرطوم الذى تأثر كثيراً بنقل موقف المواصلات الى ميدان جاكسون لتعود الحيوية لهذا القلب النابض وتنتعش المحال التجارية ويتمكن المواطنون من التسوق وقضاء احتياجاتهم بسهولة.
أما سلبيات بصات الوالى فتكمن فى منافستها لاصحاب الحافلات والذين يجب ان توضع لهم خطوة ادماج فى هذا المشروع لاحلال الحافلات بالبصات دون تأثر اصحاب هؤلاء البصات واسرهم والعاملين معهم من سائقين وكماسرة ،كما ان البصات اسهمت فى بطء حركة المرورببعض الشوارع الضيقة خاصة بجبرة والكلاكلات الامرالذى يتطلب توسعة الشوارع لاستيعاب حركة المرور وفك الاختناقات عبرالاستفادة من ريع هذه البصات والايرادات التى تعود على خزينة الولاية ، نأمل ان تخفض حكومة الولاية تعرفة البصات للمواطنين لتخفيف المعاناة عنهم وجذب زبائن جدد ،تمتص بزيادتهم فرق تخفيض التعرفة بجانب اخضاع تجربة بصات الوالى الى تقييم علمي وعملى تمهيداً لنقل هذه التجربة الناجحة الى بقية الولايات خاصة ولاية الجزيرة بان تحول شركة مواصلات الجزيرة من سفريات بين الولايات تُمنى بخسائرباستمرار الى شركة مواصلات داخلية تحسن مستوى الخدمة للمواطنين وتخفف المعاناة عنهم وتعود ايراداتها خدمات تبدأ بالطرق وتنتقل الى تجميل المدن وخاصة ودمدنى.

» كبسولات من الرآى العام
» حكاوى الدهب فى السودان بين الواقع والخيال
» إقبال كبير على الرآى العام
» كان عرف السبب والفاتح جبرا من الرآى العام
» المبدعون فى صف البشير نقلاً من الرآى العام .