منى سلمان والغاية فى الحصول على التصاديق من الولاية نقلاً من الرآى العام

عندما وصلت (مناهل) في الصباح لمبنى الولاية .. دفعت باب مكتبها شبه الموارب، فلمحت مركوب فاشري أحمر مترّب، قد إرتفعت مقدمته بفعل عوامل التعرية والزمن، فصار وكأنه ينحني بـ (البوزّ) إنحناءة إجلال لقدمي صاحبه على اخلاصها له، ومداومتها على لبسه آناء الليل وأطراف النهار لأكثر من عام، حتى تآكل وتفتحت طبقات نعله كأوراق الزهرة ..
ما أن رأت (مناهل) الأحمر الما بيغباها، حتى تيقنت أن من ورائه (صابر المثابر)، فتمتمت لنفسها في ضيق:
وووب عليّا الليلة يومي أبيض .. !
دخلت دون أن تنظر إليه وأكتفت بالهمهة بـ (السلام عليكم)، ثم انهمكت في ترتيب الأوراق والملفات المتكدسة على مكتبها .. مرت أكثر من ساعة قضتها (مناهل) في تصريف الأمور، تبادلت خلالها خشم خشمين مع كل من مرّ بمكتبها من الزملاء والزميلات ليلقي عليها تحية الصباح، قبل أن تلتفت ناحية (صابر) وتسأله السؤال المعتاد :
خير يا أخ صابر .. في حاجة ممكن أخدمك بيها ؟
تنحنح وسعل قبل أن يقول بصوت خفيض مهذب:
نعم حضرتك .. أنا جيت داير أقابل جناب الوالي.
سألته وكأنها تسمّع في حوار مسرحي محفوظ:
عايز تقابل سعادتو بخصوص شنو ؟
فأجابها :
لا مؤاخذة بس دايرو في موضوع خاص !!
ورغم يقينها من نتيجة مسعاها إلا أنها حاولت أن تزحلق (صابر) وتيئسه من المقابلة فقالت بهزة أسف من رأسها:
خسارة لكن والله .. للأسف الليلة سعادتو عندو طواف ميداني وبعدو حا يخش إجتماع مع مستثمرين برّة المكتب .. يعني كلوكلو ما حا يجينا بي جاي الليلة !
فأجابها بما توقعته:
ما مشكلة بقعد استناهو يمكن يغير رايو ويجي.
لم يكن (صابر المثابر) ليسمح بحصوله معه، فهو لا يستسلم لليأس ولا يسمح للفشل بأن يكون نتيجة مسعاه في سبيل الحصول على شيء يرغب في الحصول عليه .. فعندما يبدأ صابر في شق طريقه نحو هدف وضعه نصب عينيه، فالمثابرة والثبات هي طريقه المضمون لبلوغ النجاح ..
قد يسمي بعض المقرضين المشائين بالحسادة إلحاح (صابر) ومثابرته (لياقة)، حتى أن منهم من إدعى بأنه - هو ذات نفسو - بطل طرفة تحكي عن رجل حضر لزريبة البهائم في الصباح الباكر لشراء خروف، وبعد أن إختار مبتغاه بعناية زادها خبرته الطويلة في شئون السعيّة، أمسك بذيل الخروف وبدأ في مفاصله صاحبه على السعر في مثابرة وإلحاح دفعت صاحب الخروف بعد غروب الشمس، لرمي يمين مغلظة على (صابر) بأن (شيلو مجاني لا قرش ولا تعريفة .. بس أختاني) !
لا أحد يدري عن السبب في هداية (صابر) على درب مكتب والي تلك الولاية الوسطية، وأقنعه بأن في يده الحل والربط، فعندما ضاقت عليه سبل العيش ذات مرة، يمم شطر مكتب الوالي فكان يحضر يوميا في الصباح الباكر ويجلس في صمت مطبق انتظارا لحضور معاليه، وكلما حاول طاقم المكتب التدخل لزحزحة (صابر) عن مجلسه ودفعه لمغادرة مكتب الإستقبال يفشلون فيتركوه، وهكذا ظل يداوم على الحضور يوميا مع بداية الدوام ويظل جالسا حتى انتهاء اليوم ومغادرة آخر موظف في العصر، وبعد مرور اسبوع توقف أمامه الوالي فجأة أثناء مروره من أمامه وسأله عن غايته، فأخبره (صابر) برغبته في الحصول على تصديق بـ (كشك) ..
أمر الوالي بإستخراج التصديق فورا ومعه إعانة مالية زيادة خير حتى ينفك من مصاقرة (صابر) وجلوسه أمام مكتبه، ولم يدر بأنه قد فتح على نفسه باب ريح لن يستريح بعدها، فقد تعود (صابر) أن يغيب بضعة أشهر ثم يحضر طلبا لتصديق بقطعة أرض .. إذن أعفاء من رسوم النفايات .. مساعدة زواج .. إلخ، حتى صار موظفي الولاية يضعون العراقيل أمامه ولا يسمحون له حتى بعبور البوابة، وظنوا بذلك أنهم قد ارتاحوا من مثابرة (صابر) إلى أن تناهى لأسماعهم صياح (السكيورتي) ذات صباح، وإعلانهم عن تمكن مواطن من التسلل لقمة المبنى وتهديده بأن يلقي نفسه من أعلى .. وعندما اتضح أنه (صابر) سألوه عن بغيته، فأجاب:
شغل الكشك واقف وداير ليهو تصديق رقشة أو سيضطر لرمي نفسه من أعلى فيتكسر حتة حتة

أضف تعليقك طباعة الموضوع أرسل الموضوع
(قراءة: تعليق: 2 طباعة: إرسال: )
التعليقات

--------------------------------------------------------------------------------

1/ ابو ابراهيم - (الامارات) - 26/8/2010
تعاطفت مع صابر في البداية لظني انه ينتظر لخدمة عامة .. لكن في النهاية اخونا طلع شغال لي نفسو

--------------------------------------------------------------------------------

2/ بشرى مبارك إدريس - (بيريطانيا (بيرمنجهام )) - 26/8/2010
الاستاذة منى سلمان الله يسّلمك ..... وتحية طيبة الليلة عندى مزاج أرد عليك شعراً رأيك شنو؟؟؟: الفايتنو صابر بالصبر واقفين صفوف* بس ناقصم ضرب الايادى مع الدفوف* والله لو عديت عدد تحسب تحسب إلوف* واحدين شكوا الحال الصعب وكترة ضيوف* واحدين شكوا الموية البتقطع والنقل بالليل كتوف* واحدين تمر بيهم شهور ما بشوفو لحمه أو أو خروف* واحدين بقى حالم صعب بس يشتروا باليوم من قدّر ظروف* واحدين بدوا البيع فى العفش وفى الملابس وحتى دولاب الرفوف* وعمى جابر أريتو حالم وعمى جابر لو غشاهم يميين كلهم بس قاموا صوف*

» الفاتح جبرا وتوقعات العام الجديد نقلاً من الرآى العام السودانية
» نقلاً من الرآى العام سياسيون على أبواب (الفقرا) ومجاهد بشير من الرآى العام
» بعد إختفاء دام أربعة سنوات الحصول على المغترب السودانى فى القاهرة (من الرآى العام )
» منى سلمان وتنملحى جربا (من الرآى العام )
» لسع صغيرة فى سنى ومنى سلمان من الرآى العام