الموسيقار بشير عباس---إنت مابرضك حبيبنا
إستطاعت قناة النيل الأزرق أن تجذب المشاهدين الي شاشتها الخفيفة الظل في ظهيرة ثاني أيام عيد الأضحي المبارك وهي تنقل إحتفال أهالي مدينة الحلفايا بإبنهم المبدع لموسيقار العالمي بشير عباس بمناسبة نيله الجائزة الثالثة في موسيقي العالم التي نظمتها وأشرفت علي تحكيمها الإذاعة الألمانية (دوتش فيلا) ضمن ( 22 )عملا موسيقيا عالميا برائعة أحمد المصطفي (عشت ياسوداني).وبهذا نقلّت النيل الأزرق هذا الإحتفال من إحتفال أسري محدود الي إحتفال سوداني وإنساني كبير ‘ذلك ان بشير عباس يستحق أن يحتفل به علي أعلي المستويات بوصفه موسيقارا عالمياصاحب تجربة تستحق الوقوف عندها والإطلاع علي تفاصيل مفرداتها الإبداعية.إذ لايختلف إثنان في السودان علي انّ بشير عباس هو ثاني إثنين ممن برعوا في العزف علي العود هو والموسيقار برعي محمد دفع الله كموسيقيين ؛ وهذا ليس بغريب علي بشير عباس الذي نشأ في أسرة فنية تجيد العزف ولأنه قد يكون من المدهش لغير السوداني إذا عرف أن بشير عباس تعلّم عزف العود علي يد إبنة عمه أسماء حمزة التي هي إحدي القامات في مجال العزف والتلحين في السودان ؛ وبجانب قدرته الفائقة في العزف علي العود بدرجة الإجادة المتقنة فقد برع في التلحين فقد حولت صفارة الأبنوس التي أهداها له والده في صغره ؛اليافع بشير عباس الي عوّاد عالمي بعد ان تعلّم عزف العود التي أضاف اليها موهبة أخري لم يسبقه عليها أحد وهي قيادته للعزف بالصفير تماما كمن يعزف بصفارة ويظهر ذلك في ثنايا موسيقاه عندما ينسجم مع عزف العود في مقطوعاته الموسيقية البحتة .
قدّم أروع المقطوعات الموسيقية منها (أمي )و(نهر الجور) ورائعته (القمر في كنانه)وكثير من أعماله العظيمة.ومنذ ان أصبح سكرتيرا لأوركسترا الإذاعة في بدايات يوليو من عام 1959م إحتل بشير عباس موقعه الجالس في مقدمة الفرقة الموسيقية يقود أجمل الألحان التي رسخت في وجدان وأسماع الشعب السوداني الذّاوق للنغم واللحن الشجي ؛فقد عرف السودان ملحنون مميزون من أمثال عبد الرحمن الريح وعلاء الدين حمزة وعبد الفتاح الله جابو مرورا بالطاهر ابراهيم وعبد اللطيف خضر(ود الحاوي)صاحب أجمل لحن(أغنية المصير)وحتي جيل عمر الشاعر ويوسف السماني والفاتح كسلاوي لكنّ بشير عباس إمتاز علي كل أولئك بقدرته علي العزف الي جانب إجادته للتلحين!
وفي عالم الثنائيات الجميلة في مجال اللحن والأداء فان مجد البلابل مدين لأنامل بشير عباس بألحانه الرائعة التي قدمت البلابل الي الناس في زمن كان يصعب فيه علي المراة ان تشق طريقها في مجال صعب كالغناء فنقلت هذه الثنائية الرائعة صوت البلابل الدافئ بدندنات بشير عباس الي حيث سكن في وجدان الشعب السوداني لأنّ معظم الالحان الرائعة التي خرجت من أجران بشير عباس وجرابه الموسيقي كانت من نصيب البلابل الائي صدحن بفضل إنسجام أصواتهنّ وجينات تكوينهنّ كشقيقات الي فضاء السودان الرحب الذي يحتضن كل ماهو جميل وآسرُ وتوزّع فيض من الحان عباس الي مبدعين آخرين من بينهم عندليب السودان الأسمر زيدان ابراهيم والراحل صاحب الصوت القوي عبد العزيز محمد داؤود .
جاء الي الحفل لفيف من أبيناء السودان السمر لمحت منهم سيد هارون وزيرالثقافة بحكومة ولاية لخرطوم والاعلامي الكبير بروفسير علي محمد شمو
وغني فيه الفنان الأنيق عبد العزيز المبارك وتجلّت عبقرية النغم وفرادة الموسيقي السودانية عندما تغني الفنان الدكتور عبد الكريم الكابلي في رائعته (طائر الهوي) وتجاوب الجمهور مع الدكتور الفنان عبد القادر سالم عندما تغني بإغنيته الجماهيرية (حليوة يابسّامة الفايح نسّامة---الريدة في قلوبنا الله علاّمه)لكن الإستماع الراقي والموسيقي الهادئة كانت مع زيدان ابراهيم
في رائعته(كنوز محبه) التي صاغها شعرا شاعر الرقائق التيجاني حاج موسي ووقعها لحنا المحتفي به الموسيقار بشير عباس :_
------لما تشتاق للمشاعر ---تملأ دنياك بعبيرها
-----ولما تشتاق للعواطف --تنسجم تلبس حريرها
----وأبقي أسأل عن قلوبنا__تلقي فيها كنوز محبه
----وتلقي فيها بحور حنان---وتلقي فيها الشوق يغني
---وتلقي فيها الريدة فاردة جناحها__تشتاق للربيع
--ولما تقسو عليك ليالي الوحدة --والليل يبقي ليل
---والنجوم تلمع بعيد تسخر من السهران وحيد
---أنت ما برضك حبيبنا--والحنان الفي قلوبنا
-----أصلو نابع من عيونك
---والمحبة الفيها لو ما إنت ما كانت محبة
---وكل أشواقنا ومشاعرنا وأحاسيسنا النبيلة
---إنت ما أهديت لينا ؟
وليه تضّيع أحلي ما أهديت ياغالي !
ولست أدري غياب الفنانة عابدة الشيخ عن حفل تكريم بشير عباس وهي إبنة الحلفاية ‘وان كان حضور البلابل حياة وهادية في غياب آمال الإ أن تكريم بشير عباس دون مشاركة البلابل غنائيا يشكل منغصّة لهذا الإحتفال الرائع
الذي كان سيكمل ثنائية النغم الخالد في دنيا الموسيقي والغناء في السودان